الرحيل من الدنيا أيالموتهو حق، وكلّ إنسان وإن عاش سنين طويلة لا بدّ له أن يموت، والموت هو عبرة لكل من يظلم ويسلب حقوق الآخرين، فالرحيل عن الدنيا يعلمنا أن لا نتمسك بأيّ شيء بها لأننا لا بدّ في النهاية أن نفارقها، فقد أحضرنا لكم باقة منالكلمات المؤثرة عن الرحيل من الدنيا.
قصيدة يا طولَ شَوْقيَ إن قالوا: الرّحِيلُ غدا للشاعرأبو فراس الحمداني، اسمه الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي أبو فراس، وهو شاعر فحل من شعراء العصر العباسي وقد كان أبو فراس الحمداني أمير، فارس، ابن عم سيف الدولة، بالإضافة إلى أنّه شاعر، وقد ولد في 320 هجرياً وقد سكن أبو فراس الحمداني بمنبج وتنقل في بلاد الشام، وقد مات قتيلاً عام 357 هجرياً في صدد على مقربة من حمص.
يا طولَشَوْقيَإن قالوا: الرّحِيلُ غدا،
يا منْ أصافيهِ في قربٍ وفي بعدِ
راعَ الفراقُ فؤاداً كنتَ تؤنسهُ
لا يُبْعِدِ اللَّهُ شَخْصاً لا أرَى أنَساً
أضحى وأضحيتُ في سرٍ وفي علنٍ
ما زالَ ينظمُ فيَّ الشعرَ مجتهداً
حَتى اعْتَرَفْتُ وَعَزّتْني فَضَائِلُهُ،
إنْ قَصّرَ الجُهْدَ عَنْ إدْرَاكِ غايَته
أبقى لنا اللهُ مولانا ؛ ولا برحتْ
لا يطرقِ النازلُ المحذورُ ساحتهُ
الحَمْدُللَّهِ حَمْداً دَائِماً أبَدا
قصيدة كفى بك داء أن ترى الموت شافيا للشاعرالمتنبي، اسمه أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي أبو الطيب، وقد ولد بالكوفة في مكان يُسمّى كندة وإليها تمّ نسبته، وترعرع بالشام، ثمّ تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس، ويعتبر المتنبي من أشعر شعراء العرب وأكثرهم حكمةً وفصاحةً، وله الكثير من الأمثال السائرة والحكم بالغة المعاني.
كفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَ شافِيَا
تَمَنّيْتَهَا لمّا تَمَنّيْتَ أنْ تَرَى
إذا كنتَ تَرْضَى أنْ تَعيشَ بذِلّةٍ
وَلا تَستَطيلَنّ الرّماحَ لِغَارَةٍ
فما يَنفَعُ الأُسْدَالحَياءُمن الطَّوَى
حَبَبْتُكَ قَلْبي قَبلَ حُبّكَ من نأى
وَأعْلَمُ أنّ البَينَ يُشكيكَ بَعْدَهُ
فإنّ دُمُوعَ العَينِ غُدْرٌ بِرَبّهَا
إذا الجُودُ لم يُرْزَقْ خَلاصاً من الأذَى
وَللنّفْسِ أخْلاقٌ تَدُلّ على الفَتى
أقِلَّ اشتِياقاً أيّهَا القَلْبُ رُبّمَا
خُلِقْتُ ألُوفاً لَوْ رَجعتُ إلى الصّبَى
وَلَكِنّ بالفُسْطاطِ بَحْراً أزَرْتُهُ
وَجُرْداً مَدَدْنَا بَينَ آذانِهَا القَنَا
تَمَاشَى بأيْدٍ كُلّمَا وَافَتِ الصَّفَا نَقَشْنَ
وَتَنظُرُ من سُودٍ صَوَادِقَ في الدجى
وَتَنْصِبُ للجَرْسِ الخَفِيِّ سَوَامِعاً
تُجاذِبُ فُرْسانَ الصّباحِ أعِنّةً كأنّ
بعَزْمٍ يَسيرُ الجِسْمُ في السرْجِ راكباً
قَوَاصِدَ كَافُورٍ تَوَارِكَ غَيرِهِ
فَجاءَتْ بِنَا إنْسانَ عَينِ زَمانِهِ
تجُوزُ عَلَيهَا المُحْسِنِينَ إلى الّذي
فَتىً ما سَرَيْنَا في ظُهُورِ جُدودِنَا
تَرَفّعَ عَنْ عُونِ المَكَارِمِ قَدْرُهُ
يُبِيدُ عَدَاوَاتِ البُغَاةِ بلُطْفِهِ
أبا المِسكِ ذا الوَجْهُ الذي كنتُ تائِقاً
لَقِيتُ المَرَوْرَى وَالشّنَاخيبَ دُونَهُ
أبَا كُلّ طِيبٍ لا أبَا المِسْكِ وَحدَه
يُدِلّ بمَعنىً وَاحِدٍ كُلُّ فَاخِرٍ
إذا كَسَبَ النّاسُ المَعَاليَ بالنّدَى
وَغَيرُ كَثِيرٍ أنْ يَزُورَكَ رَاجِلٌ
فَقَدْ تَهَبُ الجَيشَ الذي جاءَ غازِياً
وَتَحْتَقِرُ الدّنْيَا احْتِقارَ مُجَرِّبٍ
وَمَا كُنتَ ممّن أدرَكَ المُلْكَ بالمُنى
عِداكَ تَرَاهَا في البِلادِ مَساعِياً
لَبِسْتَ لهَا كُدْرَ العَجاجِ كأنّمَا تَرَى
وَقُدتَ إلَيْها كلّ أجرَدَ سَابِحٍ
وَمُخْتَرَطٍ مَاضٍ يُطيعُكَ آمِراً وَيَعصِي
وَأسْمَرَ ذي عِشرِينَ تَرْضَاه وَارِداً
كَتائِبَ ما انفَكّتْ تجُوسُ عَمائِراً
غَزَوْتَ بها دُورَ المُلُوكِ فَباشَرَتْ
وَأنْتَ الذي تَغْشَى الأسِنّةَ أوّلاً
إذا الهِنْدُ سَوّتْ بَينَ سَيفيْ كَرِيهَةٍ
وَمِنْ قَوْلِ سَامٍ لَوْ رَآكَ لِنَسْلِهِ فِدَى
مَدًى بَلّغَ الأستاذَ أقصَاهُ رَبُّهُ
دَعَتْهُ فَلَبّاهَا إلى المَجْدِ وَالعُلَى
فأصْبَحَ فَوْقَ العالَمِينَ يَرَوْنَهُ
الخاطرة الأولى:
أنت لا تدري ما معنى الفقدان، لا تخبرني عن قصصالحبالتافهة، ولا عن حاجة المال، لا تشكي لي عن الجوع عن العطش عن أيِّ شيء، الفقدان هو رحيل من الدنيا لمن تحب، الفقدان هو الموت، موتُ عزيزٍ عليك يعني فقدان الحضن، والسند،والابتسامة، والشغف، والسكون الداخلي، رحيل عزيز يوجع من حوله بشكلٍ جنوني.
الخاطرة الثانية:
تعاهدوا بالحياة سوياً نذر له حياته .. وأمطرت عليهبالوفاء.. تقاسموا العقبات والمصائب .. تشبثوا بالقلوب قبل الأيدي.. رغم أنف الظروف أخذه الموت .. ورحل عن الدنيا بلمح البصر .. وهي حزناً على فراقه لم تنتظر ففضلت الرحيل معه .. فعندما اختاره الموت قد علمت أنّ دورها قد حان أيضاً .. هي تتمنى الخلود معه وهو يستحقها ولا يستحق سواها.
"