الانزلاق الغضروفي (والذي نطلق عليه اسم فتق القرص الفقري أو بالعامية الديسك) حالة شائعة نسبياً يمكن أن تحدث في أي مكان على طولالعمود الفقري، إلا أنه يؤثر بشكل أساسي على الجزء السفلي من الظهر (المنطقة القطنية)، وعلى منطقة الرقبة.
يحدث الانزلاق الغضروفي عندما يسمح تمزق في الحلقة الليفية الخارجية للقرص الغضروفي (الشبيه بالوسادة) الموجود بين أجسام الفقرات بخروج المادة المركزية الطرية من القرص وضغطها على الأعصاب المجاورة.إن فرط الاستخدام العمود الفقري بشكل خاطئ أو رضوضه تعدان من أشيع أسباب الانزلاق الغضروفي، بيد أن الانزلاق الغضروفي قد يتطور كذلك تحت تأثير عملية التقدم بالعمر. كما دلت الأبحاث على وجود عامل وراثي يسهم في التنكس والانزلاق الغضروفي.
يشفى الانزلاق الغضروفي في أسفل الظهر في معظم الحالات في غضون ستة أشهر، وذلك لميل حجم الانزلاق للانكماش بمرور الوقت عن طريق عملية تدعى الارتشاف (resorption)، وقد يكون هناك ضرورة لإجراء عملية جراحية إذا لم تنجح المعالجة بالأدوية والمعالجة الفيزيائية والعلاجات الأخرى.
الأقراص الغضروفية الفقرية عبارة عن حشوات شبيهة بالوسائد توجد بين أجسام الفقرات، وتقوم بدور "ماصات الصدمة"، وبدونها سوف تحتك عظام الفقرات مع بعضها بعضاً، ما يؤدي إلى تآكلها.
علاوة على دور الأقراص الغضروفية في إعطاء العمود الفقري مرونته، وجعل حركات مثل الالتفاف والانحناء ممكنة، تقوم الأقراص الغضروفية بحماية النخاع الشوكي عن طريق امتصاص تأثيرات الرضوض ووزن الجسم.
يملك كل قرص غضروفي طبقة خارجية قوية اسمها الحلقة الليفية (annulus fibrosus) ومركز طري شبيه بالهلام اسمه النواة اللبية (nucleus pulposus).
يحدث الانزلاق الغضروفي عندما تتمزق الطبقة الخارجية الليفية ويتسرب المركز الشبيه بالهلام باتجاه القناة الشوكية.
ملك القناة الشوكية حيزاً كافياً لكي يأوي النخاع الشوكي والسائل الشوكي. وبالتالي عند حدوث الانزلاق الغضروفي باتجاه الحبل الشوكي، يسبب ذلك انضغاط الأعصاب أو الحبل الشوكي، وقد يحدث عندها ألم شديد يسبب العجز وتبدلات في الحس.
علاوة على أن المادة الشبيهة بالهلام في الأقراص الغضروفية تطلق مواداً كيميائية مؤذية تسهم في حدوث الالتهاب والألم.
تفقد الأقراص الغضروفية الفقرية مع التقدم بالعمر السوائل الموجودة فيها. تبدأ هذه العملية في عمر الثلاثين تقريباً وتتطور ببطء بمرور الوقت.
مع جفاف تلك الأقراص الغضروفية، قد تحدث تشققات أو تمزقات مجهرية على سطحها الخارجي، الأمر الذي يصيبهابالهشاشةوالضعف، وبالتالي تصبح أكثر عرضة لحدوث الانزلاق الغضروفي.
تشمل الأسباب الأخرى الأكثر شيوعاً لحدوث الانزلاق الغضروفي:
هناك عوامل تزيد من خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي مثل:
تعتمد أعراض الانزلاق الغضروفي على مستوى العمود الفقري الذي حصل الانزلاق فيه، وهل سبب ضرراً للأنسجة العصبية أم لا.
قد لا يسبب الانزلاق الغضروفي أي أعراض، إلا أن الانزلاق الغضروفي قد يسبب ألماً موضعياً في مستوى إصابة العمود الفقري.
تحصل معظم حالات الانزلاق الغضروفي في أسفل الظهر (العمود الفقري القطني)، وتحدث بنسبة أقل في الرقبة (العمود الفقري الرقبي).
تتفاوت أعراض الانزلاق الغضروفي القطني بشكل كبير من مريض لآخر &ndash من ألم متوسط الشدة في الظهر والأليتين (الردفين) إلى اخدرار وضعف عضلي منتشر في الأطراف يتطلب رعاية طبية فورية.
من الشائع أن يضغط الانزلاق الغضروفي القطني علىالأعصابالمجاورة أو يسبب التهابها، ما يسبب ألماً ينتشر على امتداد العصب المصاب بالتخريش.
الانزلاق الغضروفي أهم سبب للإصابةبعرق النسا(sciatica)، وهو ألم ينتشر في الطرف السفلي على طول العصب الوركي (وهو أطول وأثخن عصب في الجسم يمتد على طول القسم الخلفي للطرف السفلي).
نورد هنا أهم خصائص الألم الناجم عن الانزلاق الغضروفي القطني:
قد يكون ألم الانزلاق الغضروفي القطني خفيفاً ومحصوراً في أسفل الظهر في حال لم يؤثر على أحد الأعصاب.
قد يصاب مريض الانزلاق الغضروفي القطني بحالة اسمها متلازمة ذنب الفرس (cauda equina syndrome)، والتي تشمل أعراضها:
يسبب الضغط على أعصاب أسفل النخاع الشوكي وتورمها في هذه المتلازمة الشلل وتأثيرات عصبية دائمة.
يسبب الانزلاق الغضروفي في الرقبة ضغطاً على الأعصاب الشوكية الرقبية، ويعطي هذا مجموعة الأعراض المميزة للانزلاق الغضروفي في تلك المنطقة، والمؤلفة من:
الألم في الرقبة عرض مميز للانزلاق الغضروفي الرقبي، وقد يُسكِّن ثني الرأس إلى الأمام ألم الرقبة، وكذلك يمكن لتدوير الرأس إلى الجهة المقابلة للجهة المؤلمة أن يُسكِّنه أيضاً. تسبب إمالة الرأس إلى الخلف تحريض الألم غالباً، والذي يكون مبهماً وحاداً.
يترافق الصداع الذي يتوضع في مؤخرة الرأس مع الألم الرقبي للانزلاق الغضروفي.
يبلغ عدد الفقرات الرقبية سبع فقرات نرقمها من 1 إلى 7. يسبب الانزلاق الغضروفي للقرص الموجود بين الفقرتين الرقبيتين 4 و5 ألماً يمتد إلى لوح الكتف، ويحدث هذا الألم بسبب الضغط على الأعصاب الخارجة من المسافة بين الفقرتين الرقبيتين الرابعة والخامسة.
ونطلق على الألم الحاصل بسبب الضغط على الأعصاب الرقبية اسم اعتلال الجذور العصبية الرقبية. وقد يصاب بعض مرضى الانزلاق الغضرفي الرقبي بين الفقرتين الرقبيتين 4 و5 بضعف في العضلة الدالية التي تغطي أعلى الكتف.
قد يشير الألم الذي ينتشر إلى العضلة ذات الرأسين، الموجودة على الوجه الأمامي للعضد (أعلى الذراع)، إلى انزلاق غضروفي بين الفقرتين الرقبيتين 5 و6، وهو مكان يشيع فيه حدوث الانزلاق.
يمكن أن تصاب العضلة ذات الرأسين الموجودة على الجانب المصاب بالضعف، وهذا يظهر على شكل ضعف في القوة العضلية عند ثني المرفق (مفصل الكوع) أو عند رفع غرض ما باتجاه الجسم، وتترافق تلك الأعراض مع اخدرار ووخز يمتد نزولاً حتى مستوى الإبهام.
يمكن أن يسبب الانزلاق الغضرفي الرقبي بين الفقرتين الرقبيتين 6 و7 بألم منتشر إلى العضلة مثلثة الرؤوس، والموجودة على الجهة الخلفية للعضد.
العضلة مثلثة الرؤوس مسؤولة عن بسط الذراع في مستوى المرفق. يمكن أن يترافق الألم في العضلة مثلثة الرؤوس مع اخدرار ونخز يصل إلى رؤوس الأصابع.
قد يضغط الانزلاق الغضروفي الرقبي الكبير على الحبل الشوكي، وهي حالة نطلق عليها اعتلال النخاع الرقبي (cervical myelopathy)، وتتضمن أعراضها ضعف واخدرار في الطرف السفلي يمكن أن يتسببا بمشاكل في المشي.
كما يمكن أن يصاب المريض بإلحاحية التبول (رغبة ملحة مفاجئة بالتبول) أو كثرة التبول أو سلس البول.
يمكن أن تكون ممارسة الجنس عند الإصابة بالانزلاق الغضروفي صعبة أو أقل إثارة للبهجة أو حتى مستحيلة، لاسيما إذا توضع الانزلاق الغضروفي في أسفل المنطقة القطنية.
يسبب الانزلاق الغضروفي في أسفل الظهر عواقب يمكن أن تؤثر على حياة المريض الجنسية، بما في ذلك إصابته بالألم والانزعاج عند ممارسة الجنس، وقد يسبب الانزلاق الغضروفي في بعض الأحيانضعف الانتصاب.
تتوضع الأعصاب الشوكية التي تتحكم بالوظيفة الجنسية في المنطقة العجزية (والتي تقع أسفل المنطقة القطنية مباشرةً) من النخاع الشوكي، وهذه المنطقة لا تتأثر مباشرة عادة بالانزلاق الغضروفي، إلا أن الألم العصبي الودي الناجم عن الانزلاق الغضروفي القطني يؤثر عادة على الأداء الجنسي.
قد يسبب الانزلاق الغضروفي القطني الشديد المترافق مع عوامل تسبب تضيق القناة الشوكية ضغطاً على الأعصاب الشوكية التي تعصب المنطقة التناسلية، ما يتسبب بخلل حقيقي في أداء الوظيفة الجنسية، وقد يُخلّف الانزلاق الغضروفي العنقي الشديد المسبب لتضيق القناة الشوكية في بعض الأحيان تأثيرات سلبية هائلة على الوظيفة الجنسية، كما قد يشكو المريض من أعراض أخرى في نصف الجسم السفلي.
قد يكون ألم الانزلاق الغضروفي أشد عند ظهوره في فترة الحمل، ويشيع الانزلاق الغضروفي عند الحوامل بسبب ازدياد وزنهن المفاجئ وازدياد الضغط على العمود الفقري.
لا تشكو بعض النساء من أعراض الانزلاق الغضروفي في فترة الحمل في بعض الحالات، وحتى أنهن قد لا يعلمن بأمر إصابتهن به. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يسبب الانزلاق الغضروفي ألماً شديداً عند الحوامل، ويأخذ بالازدياد مع تقدم حملهن.
نادراً ما يشكل الحمل سبباً مباشراً للإصابة بالانزلاق الغضروفي، وما لم تكن الحامل مصابة بهشاشة عظام شديدة أو مالم تتعرض مؤخراً لرض على أسفل الظهر، فمن غير المرجح ظهور الانزلاق الغضروفي عندها.
وعلى أي حال تشيع معاناة الحامل من آلام وأوجاع عامة في أسفل الظهر تنجم على التغيرات في جسمها وحول عمودها الفقري.
يقوم الطبيب أثناء إجراء الفحص الجسدي بفحص ظهر وعنق المريض بحثاً عن المناطق المؤلمة، وقد يطلب الطبيب من المريض أن يستلقي وأن يحرك ساقيه باتجاهات مختلفة الأمر الذي يساعده على تحديد سبب الألم.
كما قد يجري الطبيب فحوصاً عصبية من أجل فحص:
لا يلزم في معظم حالات الانزلاق الغضروفي أكثر من الفحص الجسدي وأخذ التاريخ المرضي من أجل وضع التشخيص.
في حال اشتباه الطبيب باضطراب آخر أو لو كان بحاجة لمعرفة الأعصاب المصابة، فقد يطلب واحداً أو أكثر من الفحوصات التالية:
يقيس مخطط كهربائية العضل (electromyogram) ودراسات النقل العصبي مدى جودة انتقال الإشارات الكهربائية على طول الأعصاب، ويساعد هذا على تحديد مكان التلف العصبي.
تقوم المعالجة المحافظة (التي ترتكز أساساً على تفادي الوضعيات التي تثير الألم، واتباع برنامج تمارين رياضية، ومقرر أدوية مسكنة للألم) بتخفيف الأعراض عند معظم المرضى في غضون أيام أو أسابيع قليلة.
وهناك عدة أشكال علاجية للإنزلاق الغضروفي تشمل:
إذا لم يزل الألم في غضون أسابيع قليلة، فقد يوصي الطبيب بالمعالجة الفيزيائية.
يقوم المعالج الفيزيائي بشرح الوضعيات والتمارين التي تساعد المريض على تخفيف ألم الانزلاق الغضروفي.
تحتاج نسبة صغيرة من مرضى الانزلاق الغضروفي في نهاية الأمر إلى إجراء عملية جراحية.
قد يوصي الطبيب بإجراء الجراحة إذا فشلت المعالجة المحافظة في تسكين الأعراض بعد ستة أشهر، لاسيما إذا بقي المريض يعاني من:
يلجأ الجراح في كثير من الحالات إلى استئصال الجزء البارز من القرص المنزلق فقط، غير أنه قد يضطر في بعض الحالات إلى استئصال كامل القرص الغضروفي.
يحتاج الجراح في تلك الحالات إلى دمج الفقرات سوية بشبكة معدنية من أجل تأمين ثبات العمود الفقري. وقد يشير الجراح في حالات نادرة إلى ضرورة زراعة قرص اصطناعي.
تحمل عملية الانزلاق الغضروفي حالها كحال كل الجراحات خطورة الإصابة ببعض المضاعفات، مثل:
يوجد إجماع على أن استخدام تقنيات الليزر في عمليات إزالة الانزلاق الغضروفي (إزالة القرص المنزلق بالتبخير بالليزر) لا يتمتع بأي مزايا إضافية تجعله يتفوق على تقنيات الجراحة التقليدية.
على أي حال، يوفر العلاج بالليزر منخفض السوية (أو الليزر البارد cold laser) خياراً بديلا للمرضى الذين لا يرغبون أو لا يستطيعون تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية لتسكين الألم، فلو كان عند المريض مضادات استطباب تجاه المسكنات التقليدية، فيمكنه الاستعانة بالمعالجة بالليزر البارد لتسكين الألم.
الليزر البارد طريقة غير مؤلمة وغير عدوانية يمكنك الحصول عليه في مراكز علاجية عديدة مُجازة وذات خبرة باستخدامه، وهو يعمل على تنبيه الخلايا وتسريع الشفاء وتخفيف الالتهاب.
يملك العلاج بالليزر كحال كل الوسائل العلاجية بعض المحددات لاستخدامه. فالعلاج بالليزر لا يعد فعالاً إذا كان هناك اضطراب في التوازن العضلي في الجسم أو إذا كان هناك ضَغطاً كبيراً على الأعصاب، ومن سيئات تلك المعالجة كلفتها العالية وعدم إمكانية تطبيقها في المنزل.
ليس مطلوباً منك إذا كنت مريض انزلاق غضروفي الالتزام ببرنامج تمارين شاق أو رفع أوزان ثقيلة &ndash فبمقدور تمارين التمطيط البسيطة وتمارين الأيروبيك أن تسكن بفعالية ألم الانزلاق الغضروفي.
تُحسّن برامج التمطيط، كما في اليوغا، القوة والمرونة العضلية، وتُسكّن الألم الحاد في الساق أو الظهر.
كما قد يوصيك الطبيب بتمارين التثبيت القطني الديناميكي (dynamic lumbar stabilization exercises)، وهي تمارين يتم التركيز فيها على عضلات الظهر والبطن بهدف تحسين وضعية الجسم ومرونة العمود الفقري وقوة العضلات.
كما تساعد الحركات الهوائية المعتدلة، بما في ذلك المشي وركوب الدراجات والسباحة، على تسكين الألم.
توجد خطوات كثيرة يمكنك اتخاذها للوقاية من تطور الانزلاق الغضروفي مثل:
يتحسن معظم المرضى على المعالجة، غير أن بعضهم يعانون من ألم مديد حتى بعد المعالجة.
قد يستغرق الأمر عدة أشهر إلى سنة أو أكثر حتى تستطيع ممارسة كل نشاطاتك السابقة من دون المعاناة من ألم أو انزعاج في الظهر، وربما ينبغي على الأشخاص الذين يمارسون أعمالاً تتطلب رفع أوزان ثقيلة أو تسبب إجهاداً للظهر أن يبحثوا عن مهنةٍ جديدة.
من المضاعفات النادرة هناك:
"