الآثار الثابتة في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الآثار الثابتة في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

الآثار الثابتة في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية.

 
أ - المنشآت المائية:
 
تطغى المنشأة المائية أيًا كانت على نسب عمارة المرافق والمنافع في جميع المواقع الإسلامية بمنطقة الحدود الشمالية وحجمها؛ وتحصل البركة المائية - بوصفها منشأة معمارية لحفظ مياه الأمطار والسيول - على نسبة عالية بتوافرها، وبذلك لا يخلو تقريبًا أي موقع إسلامي بالمنطقة - كبر حجمه أو صغر - من وجود هذه المنشأة. وبتصنيف البرك المائية التي تم الكشف عنها خلال المسوحات والدراسات والأعمال الأثرية الميدانية الأخيرة، يظهر الآتي:
 
1 - البرك:
 
أ) البرك الدائرية الشكل:
 
يمثل هذا الصنف من البرك التي تتخذ مساقطها الأفقية الشكل الدائري برك المواقع الإسلامية الآتية: الحمراء ( الرستمية  ،  الشيحيات (الشقوق)  ،  الشاحوف (الرضم)  ،  الثليمة (الهيثم)  ، الظفيري  
 
وتتفاوت أقطار هذه البرك الدائرية وأعماقها تحت مستوى سطح الأرض وفقًا لحجم الموقع وأهميته، فيما تتصف البرك الدائرية بشكل عام باحتوائها على دعائم تلتصق ببنية الجدران الداخلية، مع وجود تقسيم لمساحتها الداخلية إلى عدد من الأقسام بوساطة فواصل جدارية قصيرة تشكل في مجملها أحواضًا للماء داخل بطن البركة الأم؛ بالإضافة إلى وجود منشآت معمارية أخرى تتبع بعض البرك الدائرية لتسهيل وظائفها، مثل: المدخل، والمصد الجداري، والسلالم، والمصفاة المتصلة بالقناة.
 
ب) البرك المربعة الشكل:
 
تشكل بركة موقع الجميمة (الجريسي)   ،  وبركة موقع العمياء (الجلحاء)   وغيرهما، نماذج لصفة البرك المربعة الشكل وهيئتها في المنطقة. وتتصف عامة البرك المربعة بوجود دعائم ركنية أسطوانية الشكل، ودعائم داخلية نصف أسطوانية؛ إلى جانب وجود مدخل للبركة، وسلالم للوصول إلى قاعها، ومصد جداري لعكس التيار المائي بالقرب من موقع البركة.
 
ج) البرك المستطيلة الشكل:
 
اشتملت كل من المواقع: العشار (البطان)   ،  وحمد (الشيخة)  ، وزبالة  ، والقاع   على برك مستطيلة الشكل  . ولا يختلف التصميم المعماري العام للبرك المستطيلة الشكل عن نظائرها من البرك المربعة الشكل، وبخاصة ما يتعلق بوجود الدعائم الداخلية والخارجية والسلالم والمداخل والمصدات الجدارية.
 
د) البرك البيضوية الشكل:
 
تمثل بركة موقع دوقرة النموذج الوحيد بالمنطقة للبركة البيضوية الشكل، وقد طويت البركة بأكملها بأحجار بركانية غير مشذبة وبمقاسات متعددة. ويوجد بالقرب من موقع هذه البركة بقايا جدارين استخدما لتحويل مياه الأمطار والسيول نحو البركة  . 
 
هـ) برك أخرى غير معروفة الشكل:
 
توجد بعض برك المواقع التي لم يتم تحديد أشكال مساقطها الأفقية كما في محطة ذات التنانير (أم العصافير)  ؛  بسبب كثافة الأتربة والرمال والطمي الذي يغطي معالمها المعمارية.
 
تشترك جميع البرك المائية في الصفات المعمارية التي تشكل الهيكلية الإنشائية لكل بركة من هذه البرك؛ وتتلخص أبرز هذه الصفات المعمارية في وجود:
 
 الدرج (السلالم) المفردة والمزدوجة الجانبية أو الركنية.
 
 التقسيمات الجدارية (الفواصل) للمساحة الداخلية للبركة.
 
 المصبات المائية الجانبية أو الركنية  .
 
 المداخل (فتحات للدخول) للبركة.
 
 الدعائم (الأسطوانية، المربعة، المستطيلة) الركنية (الجانبية) والداخلية.
 
يرتبط الهيكل الخارجي لجسم البركة غالبًا بمصاف جانبية من وظائفها استقبال مياه الأمطار والسيول، وتصفيتها قبل مرحلة انسياب المياه من خلال مجرى خاص إلى داخل بطن البركة. ومن الأمثلة التي تصور وجود هذه المصافي الملاصقة للبرك مصافي برك: العشار، والشيحيات، والثليمة، والقاع، والظفيري. وتتخذ هذه المصافي - غالبًا - الأشكال المستطيلة وتبنى بالمادة نفسها المستخدمة في تشييد البركة.
 
تصل مياه السيول إلى هذه المصافي بوساطة المصدات الجدارية (الضفائر) وهي تجديرات غير مرتفعة تشيد على ضفاف الأودية وفي بطونها بهدف صدّ التيار المائي بوساطتها وعكس جريانه نحو مواقع البرك بمصافيها؛ وعن طريق هذه العملية ترتد مياه الأمطار والسيول عكسيًا ليتم توصيلها إلى المصافي بوساطة قنوات غالبًا ما تكون سطحية تُعمل لهذا الغرض بوجه خاص. وقد وجدت المصدات الجدارية المتصلة بقنوات ظاهرة فوق سطح الأرض ومتصلة بمصافي البرك في عدد من المواقع الإسلامية في منطقة الحدود الشمالية، ومن هذه المواقع: دوقرة، والعشار (البطان)، وحمد (الشيخة)، والشيحيات (الشقوق)، والشاحوف (الرضم)، وزبالة، والجلبابي (القبيبات)، والجميمة (الجريسي)، والثليمة (الهيثم)، والقاع، والعمياء، والظفيري.
 
2 - الآبار:
 
تنتشر الآبار في عدد من المواقع الإسلامية في المنطقة، فقد شكلت هذه المنشأة المائية المهمة منذ القدم للقرى والبلدات والمراكز الحضارية في المنطقة - إلى جانب البرك والأحواض والسدود - مصدرًا حيويًا من مصادر الحصول على المياه العذبة.
 
وقد كُشف عن أنواع مختلفة من الآبار في بعض المواقع الإسلامية، منها: دوقرة، وأم عمارة، والعشار (البطان)، وخنيفس، والشيحيات، وزبالة، والجميمة  ، والقاع  ؛  ويمكن تصنيف هذه النماذج من الآبار على النحو الآتي:
 
أ) الآبار المحفورة في الأرض:
 
والمشتملة على طوي (تبطين) كامل أو جزئي لجدرانها الداخلية بالحجارة المحلية المشذبة.
 
ب) الآبار المنقورة (المنحوتة) في الصخر الصلد:
 
وقد بقيت أعداد من هذه الآبار القديمة مستخدمة حتى الوقت الراهن، ويعود الفضل في ذلك إلى السكان المحليين الذين حرصوا على صيانتها، في حين أصبح كثير منها مطمورًا بالرمال والأتربة والطين نتيجة جرفها وامتلائها بمياه الأمطار والسيول. وفيما يهيمن الشكلان: الدائري والمربع على فوهات هذه الآبار، تتفاوت أقطارها وأعماقها من موقع إلى آخر، وقد استخدمت الحجارة المحلية في عملية تبطين الجدران الداخلية للآبار المحفورة في الطبقات الترابية، وغالبًا ما تستخدم مادة الجص في طلاء واجهات هذه الجدران.
 
ترتبط آبار بعض المواقع، كما في زبالة والشيحيات (الشقوق)، بمنشآت مائية خدمية، مثل: الأحواض الجانبية  والقنوات السطحية؛ وعادة ما تشيد هذه المنشآت بجانب فوهة البئر وتتصل به معماريًا. وبجانب الأحواض والقنوات بنيت القباب الكروية والقباب ذوات العقود المنحنية فوق فوهات بعض الآبار للحفاظ على ما تختزنه من مياه جوفية ولمساعدة من يردها بجلب المياه من بطونها.
 
تتباين المواقع، عادة، في عدد الآبار التي تحتويها، ويبدو أن وفرة المياه الجوفية (السطحية) وحجم الموقع وأهميته هي المعيار الذي يحدد عدد الآبار في كل موقع. وينطبق هذا الحال على المواقع الإسلامية في المنطقة؛ حيث تظهر بعض المواقع، مثل: زبالة، والقاع باشتمالها على أكثر من ثلاث آبار، مقارنة مع مواقع أخرى، مثل: خنيفس الشمالي الذي يحتوي على بئر واحدة.
 
3 - السدود:
 
تمثل السدود حواجز إنشائية لحفظ مياه الأمطار والسيول لفترات طويلة. ويشتمل موقع العشار (البطان) على سد صغير بطول يقارب 55م وسمك يصل إلى0.60م؛ وقد بني هذا السد في وسط الوادي بشكل هلالي لحجز الماء واستخدامه وقت الحاجة. ويتصل بهذا السد جزء آخر يُعَدُّ امتدادًا له بطول 20م  . 
 
4 - الأحواض:
 
تنتشر أحواض المياه بالقرب من مواقع مصادر المياه ووسائل حفظه ونقله، ومنها: الآبار والبرك والقنوات السطحية؛ كما وجدت نماذج من هذه الأحواض - أيضًا - داخل الوحدات المعمارية أو خارجها، خصوصًا تلك المباني المعمارية ذات الصلة بالفعاليات الصناعية أو التجارية. وتأتي هذه الأحواض بصفة عامة بأشكال متباينة، فمنها الأحواض المستطيلة الشكل والمربعة، وتشيد فوق مستوى سطح الأرض باستخدام الحجارة المحلية، وتُكسى واجهات جدرانها الداخلية والخارجية غالبًا بمادة الجص (الجبس). ويظهر تباين في الصفات المعمارية لهذه الأحواض وأعدادها وفقًا للوظائف العملية التي عملت من أجلها، حيث يمكن تصنيفها إلى:
 
 مجاميع من الأحواض يصل عدد المجموعة الواحدة منها إلى عشرة أحواض تُشيد داخل الوحدات المعمارية التي تبدو وكأنها مبانٍ تجارية (أسواق)، كما يظهر في بعض المواقع، منها: القاع، وزبالة  .  وقد أشار الحربي، في هذا المقام، عند حديثه عن أحد المواقع القريبة من موقع الثعلبية إلى هذه الظاهرة المعمارية، بقوله: " وفي بيوت التجار نحو من عشرين حوضًا " 
 أحواض حجرية منفردة تبنى بالقرب من البئر أو البركة، وتتصل بالمنشأة المائية عن طريق قناة سطحية، وهذا النموذج من الأحواض عُثر عليه في موقع ذات التنانير  . 
 أحواض منفردة، وبخاصة تلك المشيدة داخل القصور، كما وجد في موقع الشيحيات (الشقوق)  ؛  أو تكون مشيدة بجانب وحدات معمارية يُرى أنها استخدمت للدواب، كما في موقع الشاحوف (الرضم)  
 
ب - القلاع والحصون:
 
اشتملت بعض المواقع الإسلامية في المنطقة على منشآت حربية دفاعية، مثل: القلاع والحصون منيعة التحصين؛ وتتسم هذه المنشآت بضخامة المبنى وتحصين مواقعها الإستراتيجية؛ حيث تعتلي قمم الهضاب والأمكنة المرتفعة. كما تتميز عمارتها الخارجية بسماكة الجدران المحيطة بالمنشأة ووجود دعائم جانبية أو كتفية حجرية وارتباط أركانها بأبراج أسطوانية، وفي الداخل يشتمل المبنى على ساحة مركزية (فناء) كبيرة المساحة تطل عليها المنافع والمرافق. ومن الملاحظ على عمارة القلاع والحصون استخدام الكتل الحجرية في بناء الجدران الخارجية ودعائمها، أما الوحدات المعمارية الداخلية فشيدت باللبن الطيني المجفف تحت أشعة الشمس، وتم طلاء واجهات الجدران بمادة الجص (الجبس).
 
يشتمل تخطيط هذه القلاع والحصون على فناء داخلي فسيح ومكشوف، ومحاط من جميع جوانبه بمجاميع أو صفوف من الغرف المتلاصقة، ويتخلل هذه الدور سلم يؤدي إلى السطح. وتمثل قلاع المواقع الآتية وحصونها نماذج للعمارة الحربية في منطقة الحدود الشمالية، وهي: العشار (البطان)، والشيحيات (الشقوق)، وزبالة، والقاع، فيما تتسم بعض المواقع ومنها الشيحيات (الشقوق) باشتمالها على أكثر من منشأة تحصينية؛ بسبب أهمية الحاضرة  . 
 
ج - عمارة الأسواق التجارية:
 
شكلت السوق جانبًا مهمًا من جوانب توزيع النسيج العمراني للحواضر والمدن الإسلامية في المنطقة، وتتصف عمارة السوق وتخطيطها - غالبًا - باشتمالها على صف أو أكثر من الحوانيت (الدكاكين) لعرض السلع الاستهلاكية، وقد شيدت المحال (الدكاكين) التجارية بشكل تقابلي أو مستقيم (صفوف) على مساحات كبيرة. ويلحظ مجاورة مواقعها لمواقع المنشآت المائية أو وجودها بالقرب من مواقع الوحدات السكنية، مثل: القصور.
 
شيدت المتاجر باستخدام الحجارة المحلية، واتخذت مساقطها الأفقية أشكالاً هندسية متعددة، فمنها المستطيل الشكل ومنها المربع؛ كما وجد في الحيز الفراغي الداخلي لبعض المتاجر أحواض صغيرة غير مسقوفة ربما اتخذت لحفظ الماء وتبريده، أو لحفظ الحبوب والأعلاف، أو ربما استعملت لأغراض صناعية ومثال ذلك استعمالها أحواضًا لتبريد المعادن المصهورة.
 
وقد كشفت الأعمال الميدانية الأثرية الأخيرة عن وجود وحدات معمارية تمثل نماذج من المتاجر في أسواق بعض المواقع الإسلامية في المنطقة، ومن هذه الأسواق: سوق العشار (البطان)، وسوق الشيحيات (الشقوق)، وسوق القاع  
 
ونتيجة حتمية لاستمرارية الفعاليات التجارية والمصالح التجارية المتبادلة بين سكان منطقة الحدود الشمالية وتجار المناطق المجاورة ومنهم تجار نجد (العقيلات) وبلاد العراق والشام وغيرهم، أسست سوق تجارية في وسط بلدة ليْنة تشتمل على عدد من المتاجر لعرض السلع التجارية، ومخازن كبيرة لحفظ البضائع المجلوبة بداخلها، وكانت المنشآت الأخيرة تعرف عند العامة باسم (السيابيط).
 
وقد تشكلت سوق بلدة ليْنة لتكون مركزًا تجاريًا، وبخاصة في عملية إعادة تصدير ما يرد إليها من بضائع إلى حواضر بلاد نجد ومراكزها بوجه خاص؛ وعليه فقد برزت سوق ليْنة في مجريات التاريخ الحديث للمنطقة، وظلت السوق مستخدمة حتى عهد ليس ببعيد. ولا تزال أطلال سوق ليْنة المتمثلة في المتاجر المشيدة من اللبن الطيني والمسقوفة بسعف النخيل وجريده، والمظلات المستندة إلى أعمدة كبيرة، ماثلة للعيان حتى الوقت الراهن  
 
د - المواقع التصنيعية (أفران الصهر):
 
استخدمت مادة الجص (الجبس) بكثرة في طلاء الواجهات الداخلية لجدران وأرضيات المنشآت المائية مثل: البرك والأحواض والقنوات والآبار  . كما تم استخدام المادة نفسها أيضًا بوصفها مادة رابطة (مونة) لكتل المداميك البنائية في عمارة وحدات المنشآت الدينية والمدنية. وكان الحصول على مادة الجص (الجبس) يتم عن طريق حرق الحجر الجيري الذي يجلب - في العادة - من البيئة المحلية المحيطة بالموقع، في أفران أعدت - على وجه الخصوص - لهذا الغرض حتى تصل كتل الأحجار الجيرية إلى درجة التفتت، ومن ثَمَّ تُحول هذه الكتل المتفتتة عن طريق الدق والسحق إلى ذرات صغيرة (مسحوق جصي) لتكون بعدئذٍ جاهزة للاستخدام.
 
وقد استعملت لهذه العملية أفران (تنانير) خاصة عُثر على نماذج منها في مواقع عدة بمنطقة الحدود الشمالية، ومن هذه المواقع: الثليمة (الهيثم)، والقاع، والعمياء، والظفيري  .  وتشتمل بعض المواقع على أكثر من فرن لحرق الحجر الجيري وتحويله إلى جبس ومن هذه المواقع: الشيحيات (الشقوق) وزبالة  
 
هـ - مسار طريق الحج الكوفي:
 
يعد طريق الحج الكوفي المعروف تاريخيًا باسم (درب زبيدة) الذي يربط بلاد العراق بالأمكنة المقدسة، أشهر دروب الحج على أراضي الجزيرة العربية؛ وتعود معظم منشآت الطريق ومرافقه إلى العصر العباسي. وقد تحدثت الكتابات العربية الإسلامية المبكرة عن هذا الدرب وجهود خلفاء بني العباس بشكل خاص في عمارته وضبط أمنه؛ ويُعَدُّ الجغرافي الحربي   من أبرز من فصل في حديثه ووصفه الدقيق للمرافق والمنافع القائمة على امتداد مساره.
 
وتحتضن أراضي منطقة الحدود الشمالية، قسمًا من مسار درب الحج الكوفي (درب زبيدة) بمحطاته ومناهله ومنازله؛ وتُشكل جلُّ المواقع الإسلامية في المنطقة محطات ومنازل لهذا الدرب.
 
كما يمثل مسار الدرب ذاته، على اختلاف هندسته المعمارية وتنوعه، أثرًا إسلاميًا في المنطقة. ولم تزل بقايا المسار وأطلاله ماثلة للعيان حتى الوقت الراهن. وقد كشفت الدراسات والأعمال الأثرية الميدانية الأخيرة في منطقة الحدود الشمالية عن نماذج أثرية مهمة للجهود الإسلامية التي بذلت في سبيل تذليل الصعاب الطبيعية، هذه الأعمال الهندسية جميعها تعكس ما وصل إليه المسلمون الأوائل في مجال عمارة دروب الحج البرية في الجزيرة العربية.
 
ويشتمل مسار الدرب، سواء عند اختراقه مواقع المحطات أو في أثناء مروره بالقرب منها، على جدارين متوازيين تتفاوت المسافة الفاصلة بينهما بين 20 و 30م؛ ويبلغ ارتفاع هذين الجدارين الممتدين بشكل متوازٍ على حدود مسار الدرب ما بين المتر ونصف المتر، وبسمك يصل إلى المتر الواحد. وتظهر الأعلام الحجرية الأسطوانية الشكل بين الفينة والأخرى فوق قمم الهضاب والمرتفعات القريبة من مسار الطريق، ويكثر وجودها عند اقتراب الدرب من إحدى محطات الطريق. وقد تمثلت الأعمال الهندسية في عمارة مسار الطريق بتوظيف عدد من الطرق الهندسية وفقًا لطبيعة طوبوغرافية الأراضي التي يمر من خلالها مسار الطريق، فقد عُمل على تحديد المسار ورسمه وإزاحة العوائق الطبيعية من وسط مساره خصوصًا في المناطق المستوية. أما عند اختراق مسار الطريق الأراضي الوعرة فيعمل على رصف المسار بالأحجار ومضاعفة بنيان جدرانه الجانبية وتقويتها.
 
وقد عُثر في المنطقة بالقرب من المواقع: حمد (الشيحة)، وخنيفس الشمالي والجنوبي، والشيحيات، وزبالة، والعمياء، والظفيري  ؛  على أجزاء وبقايا واضحة من عمارة مسار الدرب تتصف هندستها بالصفة التي أشير إليها سابقًا. وتُعَدُّ الظواهر الأثرية لمسار الدرب الذي يربط موقع حمد بموقع الحمراء ويبلغ امتداده نحو 6كم، من أبرز النماذج العلمية الأثرية وأهمها في المنطقة  .  وتتوافر على امتداد هذا القسم من مسار الدرب أمثلة عدة لمعظم الأعمال الهندسية المطبقة في عمارة الطريق  
 
 
شارك المقالة:
198 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook