الصناعة بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الصناعة بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الصناعة بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
تعد الصناعة من أهم القطاعات الاقتصادية الرئيسة بمنطقة المدينة المنورة نظرًا لوجود القاعدة الصناعية الثقيلة ممثلة في مدينة ينبع الصناعية، بالإضافة إلى عددٍ من الصناعات الصغيرة والمتوسطة بالمنطقة، كما تمتلك المنطقة إمكانات تطوير القاعدة الصناعية، إذ تتوافر فيها عناصر الإنتاج كالخامات والثروات التعدينية فضلاً عن وجود شبكات البنية الأساسية وبشكل خاص شبكات الطرق السريعة القائمة والجاري تنفيذها والموانئ البحرية والجوية، كما يتوافر بالمنطقة عدد كبير من السكان في سن قوة العمل يمكن تدريبهم فنيًا والاستفادة منهم في توفير احتياجات الصناعة.
 
وفي هذا الجزء نتناول قطاع الصناعة في منطقة المدينة المنورة كما يلي:
 
 لمحة تاريخية
 
يشير عددٌ من الدراسات التاريخية إلى أن الصناعة اليدوية التقليدية قديمة الوجود في المدينة المنورة، فقبل ظهور الإسلام اشتهرت يثرب (الاسم القديم للمدينة المنورة) ببعض الصناعات التي قامت فيها اعتمادًا على الثروات الزراعية التي توافرت في ذلك الوقت، بالإضافة إلى وجود العمالة الماهرة (نسبيًا) من العناصر المختلفة، ودعم ذلك ظهور الإسلام وقيام المدينة المنورة بدور النواة والعاصمة الأولى لدولة الإسلام منذ أن هاجر إليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ما زاد في أهمية تلك الصناعات، وأضاف إليها صناعات أخرى ضرورية لدعم قوة تلك الدولة الوليدة في العهد النبوي، وعلى الرغم من هذه المقومات التي توافرت وكان من شأنها النهوض بالصناعة إلا أنها ظلت محدودة، وقد ازدهرت في يثرب في ذلك الوقت صناعة الحلي والصياغة  ،  وفي هذا الشأن تزعم بعض الروايات أنه كان في أحد أسواقها ثلاثمئة صائغ، عملوا في صناعة الحلي والصياغة  . وقد أجادوا في تحويل الذهب والفضة إلى أساور وخواتم وقلائد وخلاخيل وأقراط وغيرها مِمَّا تستعمله النساء في زينتها 
 
وقد استمر الأمر على هذه الحال في أوائل العصر العباسي، ولكنه بدأ يتغير مع تقلص العمران في المدينة المنورة وهجرة الناس منها بسبب اضطراب الأمن فيها، وعلى الطرقات المؤدية إليها، وكسبت المصانع الصغيرة حركة المد والجزر في العمران وازدهار المدينة المنورة، وتقلصت في العهود المتأخرة إلى درجة كبيرة. وفي بداية العصر الحديث نشطت فيها التجارة، فقد غطت السلع الواردة معظم احتياجات الناس ولم تتح الفرصة لقيام صناعات مهمة بسبب الحرب العالمية الأولى واضطراب الأحوال في المدينة المنورة وحصار الهاشميين لها. وبعد خروج العثمانيين بدأت المصانع تعود إلى المدينة المنورة شيئًا فشيئًا، وببطء يواكب بطء التطور في سنوات الحكم الهاشمية الست، ومنذ بداية العهد السعودي بدأ الحال يتغير، فقد نشطت المصانع الصغيرة أول الأمر، وأنشأت مدرسة دار الأيتام قسمًا خاصًا لتعليم طلابها الحرف وأقامت لهم ورشًا إنتاجية أسهمت في سد حاجة أهل المدينة المنورة من بعض المصنوعات أثناء الحرب العالمية الثانية. ومع استتباب الأمن وبدء الازدهار في جوانب الحياة الأخرى بدأت الصناعة تتطور، وبخاصة صناعة التمور إذ أنشئ عددٌ من المصانع نظرًا لكثرة النخيل بالمدينة المنورة وتعدد أنواع التمور  
 
 أبرز التطورات:
 
يرجع تطور القطاع الصناعي في منطقة المدينة المنورة إلى ثلاثة أسباب رئيسة: السبب الأول يكمن في مكانة المدينة المنورة الدينية التي كونت عامل جذب أسهم في زيادة التوسع العمراني وزيادة نطاق السوق المحلية والإقليمية. أما السبب الثاني فيرجع إلى معطيات التنمية الشاملة والطفرة الاقتصادية التي شملت جميع أرجاء المملكة، ووفرت المقومات الأساسية والدعم المادي لبناء الصناعات الأساسية والاستهلاكية المختلفة في المنطقة. والسبب الثالث يرجع إلى إنشاء مدينة ينبع الصناعية  التي تمثل بالإضافة إلى أهميتها الإستراتيجية في مجال الصناعات الموجهة للتصدير، مركز نمو يتوقع منه أن يسهم في تطور القاعدة الصناعية وتنويعها لمنطقة المدينة المنورة  
 
ويوضح (جدول 14) تطور القطاع الصناعي بمنطقة المدينة المنورة خلال الفترة 1395 - 1425هـ / 1975 - 2005م.
 
وقد أسهمت العوامل السابقة مجتمعة في نمو القطاع الصناعي بمنطقة المدينة المنورة بشكل مطرد، تمثل ذلك في زيادة عدد المصانع المنتجة والمرخصة بموجب نظامي حماية الصناعات الوطنية واستثمار رأس المال الأجنبي من 14 مصنعًا في عام 1395هـ / 1975م إلى 99 مصنعًا عام 1418هـ / 1997م، و 147 مصنعًا عام 1425هـ / 2005م. وزيادة حجم رأس المال المستثمر في الصناعة خلال الفترة نفسها من نحو 118 مليون ريال سعودي إلى أكثر من 37 مليار ريال سعودي عام 1418هـ / 1997م، وأكثر من 47 مليار ريال سعودي عام 1425هـ / 2005م. كما أدت هذه الزيادة في عدد الصناعات بالمنطقة إلى تزايد حجم العمالة من 295 عاملاً عام 1395هـ / 1975م إلى أكثر من 11 ألف عامل عام 1418هـ / 1997م، و 17321 عاملاً في عام 1425هـ / 2005م.
 
شارك المقالة:
109 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook