المهن والحرف في القرى والبادية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المهن والحرف في القرى والبادية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

المهن والحرف في القرى والبادية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
لم يكن تنوع المهن والحرف في الأرياف والبادية التابعة لمنطقة المدينة المنورة بمثل ما عليه الحال في قلب المدينة المنورة نفسها؛ وذلك لعدد من الاعتبارات التي سبق ذكر بعضها، ولأن الوضع في المدن يختلف دائمًا من ناحية الكثافة السكانية عن القرى والبادية، كما أن لدرجة التجانس بين السكان وبساطة الحياة في القرية دورًا في هذا أيضًا، وفيما يأتي عرض لطبيعة الأعمال والمهن في تلك القرى من خلال الناحيتين الآتيتين:
 

توزيع العمل اليومي داخل المنـزل وخارجه

 
يلاحظ في حياة الناس في القرى والبادية تقارب بين الأدوار التي يؤديها كل من الرجل والمرأة على الرغم من اختصاص النساء بالأعمال المنـزلية مثل: الطبخ والتنظيف وغيرهما، إلا أن المرأة في القرى ومناطق أهل البادية تعين زوجها في كثير من الأعمال التي تتعلق بالزراعة والسقي والرعي ونحوها، حتى إنه في بعض القرى مثل خيبر قديمًا كانت المرأة تشارك في أعمال البناء وإنشاء المساكن. وقد كان البرنامج اليومي للأسرة في بيئات أهل القرية وأهل البادية يبدأ مبكرًا جدًا، حتى إن بعضهم يبدأ عمله قبل صلاة الفجر، وفي حال وجود أبناء ملتحقين بالمدارس - وهم في الغالب من الذكور - تقوم الأم بإيقاظ الجميع وإعداد طعام الإفطار الذي هو غالبًا من الخبز المصنوع في المنـزل وما يتيسر من طعام مع الشاي والقهوة ثم يذهب الأولاد إلى المدارس، ومن لا يدرس منهم - ولا سيما من البنات - يذهب لرعي الأغنام في أراضي المزارع والبساتين أو الصحارى القريبة، ويذهب جميع الرجال إلى أعمالهم ويصحبهم بعض نسائهم أحيانًا للعمل في الحقول. كما أنه نظرًا إلى طبيعة موارد المياه في تلك القرى التي تعتمد على العيون والمجاري المائية التي تتبعها فإن بعض الرجال يقضون بعض الوقت في تسليك هذه المجاري وصيانتها، وكذا يوجد متخصصون في تصريف حصص المياه وتوزيعها على المزارعين بطرق فنية متفق عليها.
 
ويعد وقت الظهر وقت راحة للجميع، إلا أن وجبة الغداء عندهم ليست هي الوجبة الرئيسة كما في المدينة المنورة نفسها، بل إنهم عادة يقتصرون على شيء من التمر ونحوه، ولا يطبخون لهذه الوجبة، إذ يعود الناس إلى أعمالهم بعد صلاة العصر وتبدأ ربة المنـزل في إعداد وجبة العشاء، وهي الوجبة الرئيسة التي تجتمع الأسرة - غالبًا - لتناولها بعد صلاة المغرب أو قبله بقليل ولا يتغيب منهم أحد، بخلاف وجبة الغداء التي قد يتناولها الراعي في المرعى والمزارع في الحقل وليس بالضرورة أن يجتمعوا لها في المنـزل، وينام الجميع بعد صلاة العشاء ليستيقظوا عند الفجر أو قبله بقليل، حسب طبيعة أعمالهم وحسب المواسم المختلفة. أما الصغار من البنين والبنات، فهم يتدرجون في مزاولة مهن الآباء والأمهات حسب التقدم في السن، فالصغير قد يكلف برعي (البُهم؛ وهي صغار الماعز) قريبًا من المنـزل، يستوي في ذلك البنون والبنات، وكذلك تبدأ البنت بتعلم مهام المرأة بدءًا من الطبخ والعناية بالمنـزل، بالإضافة إلى دورها في أمور الزراعة وجني المحصولات وتخزينها.. وهكذا.
 
إلا أن الملاحظ أن بيت أهل القرى والبادية أكثر بساطة وأقل أثاثًا من بيوت أهل الحضر في المدينة المنورة، ولذا لا تنفق المرأة في العمل المنـزلي في القرى والبادية من الوقت مثلما تنفقه المرأة المدنية، حيث التفنن في أنواع الطبخ وتنظيف الأواني المختلفة والعناية بالفرش والمجالس على اختلاف درجاتها: مجالس الرجال ومجالس النساء والديوان والقاعة الخاصة بأفراد العائلة وما تحويه من أثاث وفرش وسُرُج أو أتاريك تحتاج إلى عناية خاصة، ولذا وجد لدى نساء القرية والبادية متسع من الوقت لمساعدة الزوج خارج المنـزل، فهن يساعدن الرجال في مختلف أعمالهم: في الزراعة والرعي والسقي، حتى إنهن قد يحملن على رؤوسهن الحجر والماء عند البناء، وكان التعاون بين الناس في مجال البناء وغيره سائدًا، ومن يرغب بالقيام بعمل ما - مثل الحصاد أو البناء أو البذر - فإنه يُعلم الجيران والأقرباء ليؤدي كلٌّ منهم ما يستطيع على سبيل المعاونة وليس الأجرة، كما تقوم زوجته أيضًا بإبلاغ النساء فيبادرن بالإسهام، وسوف يَرُدُّ الرجل هذا الدَّين هو وزوجته عندما يحتاج أحد الجيران إلى المعاونة (الفزعة) في أي أمر من الأمور، وكان استئجار العمال نادرًا، ولم يكن هناك طوائف حرفية منظمة كما في حاضرة المدينة المنورة، بل كانت الأمور تسير ببساطة شديدة وفي جو من الألفة والتعاون.
 
شارك المقالة:
33 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook