ذكر الله سبحانه في كتابه العزيز صنف المنافقين من الناس الذي هم أشدّ أعداء الدين والإنسانية بما يحملونه في صدورهم من الأمراض القلبية والنفسية، وما يتصفون به من الصفات التي تحملهم على ملازمة طرق الشر والمكر والضلال والخديعة، كما تكلم النبي عليه الصلاة والسلام في عددٍ من الأحاديث عن صفات هؤلاء المنافقين وعلاماتهم التي يعرفون بها.
فالمنافقون متلوّنون، لهم قدرةعلى أن يظهروا بصورٍ مختلفة أمام أقوام شتى، فهم إذا لقوا الذين آمنوا تظاهروا بالإيمان، وإذا لقوا الذين كفروا أظهروا الكفر والضلال، فقد قال تعالى فيهم: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)[البقرة: 14]، وفي السنة النبوية تحذير من ذي الوجهين الذي يأتي قوماً بوجه ويأتي آخرين بوجه آخر.
فالمنافقون يكثرون من اللمز والهمز والطعن في أعراض المسلمين، حيث تراهم يستهينون في عطاء المسلم الصادق إن كان قليلاً بقولهم إنّ الله غني عن عطاء هذا، فقد قال تعالى: (االَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة: 179].
خصوصا صلاتي الفجر والعشاء، فمن صفاتهم أنّهم لا يحبون الخروج إلى المساجد ويتكاسلون عن ذلك، ويظهر كسلهم بشكلٍ كبيرٍ في الأوقات التي تكون مظنة الراحة والنوم مثل صلاتي الفجر والعشاء اللتان تعتبران من أثقل الصلوات على المنافقين على الرغم مما فيهما من الأجر الكبير، ففي الحديث الشريف عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله: (إنَّ أثقلَ صلاةٍ على المنافقِينَ صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجرِ) [صحيح مسلم].
فالمنافقون شحيحوا النفس لا يحبون الإنفاق في سبيل الله، وإذا أنفقوا راءوا الناس في ذلك، أي دفعوا أموالهم طلباً لمديح الناس، وكانوا في ذلك كارهين، فقد قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 142]
فهم يكثرون من الأعذار التي يقدمونها للتملص من أداء الواجبات، فهم يقدمون الأعذار في كلّ موقفٍ يتطلب منهم العزيمة والصدق، وقد ذكر الله جل وعلا في كتابه العزيز كثيراً من الأعذار التي قدموها للهروب من القتال والجهاد في سبيل الله، فمنهم من قال إنّ بيوتنا عورة أي مكشوفة حتّى يقعد في بيته، ومنهم من قال أنّه لا يرغب في جهاد الروم خوفاً من الوقوع في فتنة نساء الأصفر بزعمه.
فهم يثبطونهم فعل الخير والمعروف والجهاد، ويخوفونهم من الجهاد في سبيل الله تعالى، ومن ذلك قولهم لا تنفرّوا في الحر، أو تحذيرهم للناس من القتل وغير ذلك.
فالمنافقون جبناء وصفهم الله في كتابه العزيز صفة تدل على ذلك وهي قوله تعالى: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) [المنافقون: 4].
إنّ لهم صفاتهم وعلامتهم التي يعرفون بها، وهي الكذب في الحديث، والخيانة عند الأمانة، والإخلاف في المواعيد والعهود، والفجر في الخصومة، فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف: ( آيةُ المنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا اؤتُمِنَ خانَ) [صحيح البخاري]
فهم يأتون قوماً بوجه، ويأتون آخرين بوجه آخر، فهم متلونون متغيرون حسب أهوائهم وميولهم، وفي الحديث (مِن شرارِ النَّاسِ ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجهٍ وهؤلاء بوجه) [صحيح مسلم].
موسوعة موضوع