يتم اختيار العلاج المناسب لسرطان الغدة الدرقية اعتمادًا على عدّة عوامل أساسية، وتتضمن هذه العوامل نوعسرطان الغدة الدرقية، وحجم الكتلة الظاهرة، ومرحلة المرض، وعمر المريض، وحالته الصحيّة،ومنالخيارات العلاجيةالتي يمكن أن يلجأ لها الطبيب ما يأتي:
يُعدّ الإجراء الجراحي من أكثر العلاجات استخدامًا في حالات الإصابة بسرطان الغدة الدرقية، ويتمثّل باستئصال جزء أو أكثر من الغدة، وعادةً يتمكن المصاب من مغادرة المستشفى بعد يوم من إجراء الجراحة، وقد يعاني المصاب بعد إجرائها من بعض المضاعفات مثل: ظهور بحّة في الصوت، وقد تتضررالغدد جارات الدرقية، مما يؤدي إلى نقص مستوى عنصر الكالسيوم في الجسم، وما يترتب على ذلك من الإصابة بتشنجات عضلية، والشعوربالتنميلوالخدران، ولكنّ الطبيب المختص هو الأقدر على تحديد الفوائد المجنيّة مقارنة بالمخاطر المتوقعة، فضلًا عن وجود عدد من الوسائل للسيطرة على المضاعفات أو الأعراض التي تترتب على هذه الجراحة، وتتعدّد أشكال العلاج الجراحي لسرطان الغدة الدرقية، وقد تتضمن ما يأتي:
يمكن اتباع العديد من الأساليب الجراحية عند إجراء استئصال الغدة الدرقية، وتتمثل هذه الطرق المتبعة بالآتي:
يُوصف دواءليفوثيروكسين(بالإنجليزية: Levothyroxine) للمُصاب بعد إجرائه لاستئصال الغدة الدرقية، وعادة ما يُوصف للمصاب مدى الحياة، وذلك من أجل تعويض النقص الحاصل فيالهرموناتالتي تفرزها الغدة الدرقية في الوضع الطبيعي، كما يثبّط هذا الدواء إنتاج الهرمون المنبّه للدرقية (بالإنجليزية:Thyroid stimulating hormone)، والذي قد يؤدي ارتفاع مستواه في الجسم إلى تحفيز نمو أيّ خلايا سرطانية متبقية بعد استئصال الغدة،وفي حالات معينة أثناء عملية الاستئصال قد تتأثّر الغدد جارات الدرقية التي تتحكّم بمستوى الكالسيوم في الجسم، فيؤدي ذلك إلى نقص مؤقت في مستوياته، وعندها قد يلجأ المريض إلى استخدام مكملات الكالسيوم تحت إشراف الطبيب المختص لتعويض هذا النقص، إلى حين بدء الغدد جارات الدرقية باستعادة وضعها الطبيعي.
تُوضع شرائط جراحية لاصقة في موضع العملية بعد إنهائها، وإن هذه الشرائط عادة ما تظل في موضعها عشرة إلى أربعة عشر يومًا، ولا داعي لوضع أي شيء إضافي على موضع العملية، ولكن يجدر التنبيه إلى ضرورة تجنب تعرض الجرح للشمس، إذ تجب تغطيته عند الخروج من المنزل أو على الأقل استخدام واقي الشمس المناسب، هذا ويجدر عدم تعرضها للماء بكمية كبيرة؛ إذ يمكن وصول كمية بسيطة من الماء إليها أي ترطيبها فقط أثناء الاستحمام، كما يجدر التنبيه إلى عدم حمل الأشياء الثقيلة التي تزن أربعة كيلوغرامات فأكثر، مع الحرص على عدم ممارسة الأنشطة الشديدة كذلك، وبالنسبة للقيادة يمكن ذلك بعد أربعة أيام من العملية في حال لم يكن المصاب يأخذ الأدوية المُسكّنة للألم، ويمكن العودة إلى العمل بعد أسبوع أو أسبوعين من الخضوع للجراحة بحسب حالة المصا، ويُنصح بتناول الغذاء الصحي والحرص على شرب كميات كافية من الماء، والالتزام بمواعيد زيارة الطبيب.
يمكن أن يلجأ الطبيب إلى استخدام اليود المشعّ لعلاج بعض أنواع سرطان الغدة الدرقية كإجراء تابع لاستئصال الغدة، إذ تتم إزالة أنسجة الغدة الدرقية التي لم تتم إزالتها عند إجراء الجراحة، أو لعلاج حالات بعض أنواع السرطان التي انتشرت إلى الغدد الليمفاوية أو أماكن أخرى من الجسم، في حين ما زال تأثير هذا الإجراء الطبي غير واضح في حال استخدامه لحالات سرطان الغدة الدرقية التي لم تنتشر بعد، والتي يمكن التخلّص منها بشكل كلّي عن طريق الجراحة.
حقيقة لا يمكن استخداماليود المشعّلعلاج سرطان الغدة الدرقية في حالات الحمل وذلك لعدم أمان هذا الإجراء خلال فترة الحمل، مع وجوب وجود فترة زمنية فاصلة بين العلاج باليود والحمل بعده، والتي تبلغ 6 أشهر للمرأة المصابة في حين تكون 4 أشهر للرجل المصاب، أمّا في حالاتالرضاعةفيُوصى بتوقف المرأة عن ذلك قبل بضعة أسابيع من بدء العلاج، ويُطلب من المصاب قبل استخدام اليود المشعّ لعلاج سرطان الغدة الدرقية الامتناع عن تناول الأطعمة التي تحتوي على اليود لمدة أسبوع إلى أسبوعين، لذلك يجدر بالمصاب اتباع النصائح والإرشادات التالية:
يُجرى العلاج باليود من خلال بلع المُصاب لمادة اليود المشعّ عن طريق الفم، إذ تكون على شكل مادة سائلة أو كبسولات، وبعد ذلك ينتقل اليود المشعّ عبر الدم ويقضي على الخلايا السرطانية في الجسم إلى البقاء في المستشفى معزولًا عن الآخرين لفترة بعد العلاج باليود إلى حين انخفاض مستوى الإشعاع لديه.
يحتاج المصاب إلى البقاء في المستشفى معزولًا عن الآخرين لفترة بعد العلاج باليود إلى حين انخفاض مستوى الإشعاع لديه، ويجدر التنويه إلى احتمالية ظهور بعض الآثار الجانبية بعد الخضوع لهذا الإجراء، ومن هذه الآثار: الغثيان والتقيؤ، والشعور بطعم غير مستساغ في الفم، إضافة إلى جفاف الفم وانتفاخ الرقبة وألمها، ويُنصح بمضغ اللبان أو مصّ أقراص الحلوى لحل مشاكل جفاف الفم والطعم غير المستساغ، ولأنّ اليود المُشعّ قد يُسبب جفافًا في العينين كذلك فإنّه يُنصح بسؤال الطبيب حول الفترة التي يجدر تجنب استعمال العدسات اللاصقة فيها.
يُستخدمالعلاج الاشعاعي بالإشعاع الخارجي(بالإنجليزية: External Beam Radiation) للقضاء على الخلايا السرطانية التي لا تستجيب للعلاجباليود المشع، كما ويمكن استخدامها للتخلص من الخلايا السرطانية المتبقية بعد العلاج الجراحي، وفي بعض حالات انتشار السرطان إلى العظم، ويمكن أن يساهم العلاج الإشعاعي في إبطاء نموالخلايا السرطانية، وكذلك قد يساهم استخدام هذا الإجراء في تقليل فرصة الإصابة بالسرطان مرة أخرى بعد الإجراء الجراحي.وقد تظهر بعض المضاعفات والآثار على المصابين الذين استخدموا العلاج الإشعاعي، مثل: تغيّرات في الجلد، كظهور بقع تشبه آثار الحروق، والشعور بجفاف في الفم، وصعوبة في البلع،وبحّة في الصوت، والشعور بالإرهاق والتعب العامّ.
يتم استخدام بعض أنواع الأدوية التي تستهدف الخلايا سريعة الانقسام كما هو الحال مع الخلايا السرطانية، إذ تُوقف هذه الأدوية نمو الخلايا السرطانية، وذلك إمّا عن طريق القضاء على الخلايا السرطانية، وإمّا بتثبيط انقسامها وتكاثرها،وغالبًا ما يفيد هذا العلاج الكيماوي في معظم أنواع سرطان الدرقية، وقد يتم استخدامه كعلاج مساند في بعض الحالات، أو قد يستخدم في حال كانت الإصابة بالسرطان متقدمة ولم تستجب للعلاجات الأخرى، وتجدر الإشارة إلى وجود خلايا أخرى سريعة الانقسام في الجسم، لذلك فإنّ هذه الخلايا قد تتأثر بهذه الأدوية، لذلك قد تظهر بعض الأعراض والعلامات على المصاب بعد العلاج الكيماوي؛ فقد يؤدي هذا العلاج إلى زيادة احتمالية حدوث الالتهابات نتيجة لانخفاض عدد الكريات البيضاء، إضافة إلى الشعوربالتعبنتيجة لانخفاض أعداد كريات الدم الحمراء،وتساقط الشعر، وظهور قرح الفم وغير ذلك، ومن الأمثلة على هذه الأدوية ما يأتي:
يُستخدم العلاج الموجّه (بالإنجليزية: Targeted therapy) أو العلاج الموجّه الجزيئي (بالإنجليزية: Molecularly targeted therapy) لعلاج العديد من أنواع سرطان الغدة الدرقية، ويمتاز بأنّه يستهدف الخلايا السرطانية بحدّ ذاتها دون التأثير في الخلايا السليمة، على عكس العلاج الكيماوي، ممّا يساهم في التقليل من الآثار والمضاعفات المترتبة على استخدامه، ويلجأ الطبيب لاستخدام هذا النوع في حال انتشار السرطان إلى أجزاء أخرى من الجسم ولم يستجب للعلاج باليود المشعّ، حيث يرتبط بجزيئات معينة في الجسم لها دور في انقساموتكاثر الخلايا، فتؤدي إلى تثبيط هذه العملية، وبذلك يتوقف نمو وانتشار السرطان في الجسم.
ومن الخيارات العلاجية التي تندرج تحت مُسمّى العلاج المُوجّه ما يأتي:
يُعد العلاج بحقن الكحول (بالإنجليزية: Alcohol ablation)، والمعروف أيضًا باسم حقن الإيثانول عن طريق الجلد الموجه بالموجات فوق الصوتية (بالإنجليزية: Ultrasound-guided percutaneous ethanol injection) أحد الخيارات المُتبعة لعلاج سرطان الغدة الدرقية المتكرر، حيث يتم فيه حقن محلول كحولي مركز في الرقبة باستخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية لضمان التخلص الدقيق من الخلايا السرطانية، ويُعدّ هذا الإجراء الحل الأنسب للمرضى الذين يعانون من عودة سرطان الغدة الدرقية بشكل متكرر، وخاصة إذا وصل إلى الغدد الليمفاوية المُجاورة، بشرط ألا يكون عدد الغدد المتأثرة كبيرًا، ومن الجدير بالذكر أنّ معظم المرضى يقضون ليلة واحدة في المستشفى بعد العلاج بحقن الكحول، وغالباً ما يتمكن المريض من العودة إلى ممارسة أنشطته العادية عند العودة إلى المنزل، كما قد يُحدد الطبيب موعدًا للمتابعة لتقييم مدى فعالية العلاج وتحديد إذا كان المريض بحاجة إلى جلسة علاج أخرى.
كما ذكرنا سابقًا، يعدّ سرطان الغدة الدرقية من أكثر أنواع سرطانات الغدد الصماء شيوعًا، وبحسب الدراسة التي نشرت في عام 2011 والتي أجريت من قبل أطباء في المعهد الأوروبي لعلم الأورام في ميلانو إيطاليا، فإنّ سرطان الغدة الدرقية عادةً ما يصيب الإناث صغيرات السن أثناء فترة خصوبتهن؛ إذ إنّ 10% من حالات إصابة الإناث يتم تشخيصها للنساء خلال فترة الحمل أو في فترة ما بعد الولادة المبكرة،وتتشابه أنواع سرطان الغدة الدرقية التي يمكن أن تُصاب بها المرأة الحامل عن غيرها من الأفراد، ولكن تختلف الخيارات العلاجية التي يمكن استخدامها لعلاج سرطان الغدة الدرقية لدى المرأة الحامل؛ إذ يُعدّ العلاج الكيماوي غير فعال، كما أنّه يتم تجنّب العلاج باليود المشعّ أثناء الحمل لأنه قد ينتقل من الأم إلى الجنين عبر المشيمة مؤدّيًا إلى حدوث العديد من الاضطرابات كما أسلفنا، لذلك يبقى العلاج الجراحي هو الخيار العلاجي الوحيد أثناء هذه الفترة، وينصح بتأجيل إجراء الجراحة إلى حين بدء الثلث الثاني من الحمل، وذلك لتقليل خطر العملية الجراحية والتخدير على الجنين، وفي بعض الحالات قد يتم تأجيله إلى ما بعد الولادة.
يحتاج المصاب بسرطان الغدة الدرقية بعد إتمامه للعلاج إلى المراجعة الدورية لأخصائي الرعاية الطبية لمدة تقارب عشر سنوات على الأقل، وذلك لإجراء الفحوصات الدورية اللازمة لمتابعة الحالة الصحية للمصاب،مع الحرص على مراقبة ظهور أي آثار جانبية جراء العلاج، والتأكد من عدم الإصابة بالسرطان مرة أخرى، وذلك من خلال إجراء العديد من الفحوصات التي تتضمن ما يأتي:
يجدر التنويه إلى أنّ كثيرًا من الحالات تُشفى تمامًا منسرطانالغدة الدرقية، في حين قد يعود السرطان من جديد للمصاب ليصيب الغدة الدرقية مرة أخرى أو قد تصاب أجزاء أخرى من الجسم،يعتمد العلاج الذي يتم استخدامه في هذه الحالة على عدة عوامل، مثل: مكان السرطان، والعلاجات التي م استخدامها في المرة السابقة، والحالة الصحية العامة للمصاب، ورغبة المصاب، وغالبًا ما تتضمن هذه العلاجات: الجراحة، أو العلاج الإشعاعي، أوالعلاج الكيماوي، أو العلاج الموجّه، ومن الممكن استخدام أكثر من نوع علاجي في آنٍ واحد.
قد يعاني المصاب من ظهور العديد من الأعراض الجانبية جراء علاج سرطان الغدة الدرقية، وقد تستمر هذه الأعراض لفترة طويلة بعد العلاج، أو قد يتأخر ظهورها بعد فترة زمنية تتراوح ما بين عدة شهور إلى عدة سنوات من انتهاء العلاج، وقد تتضمن هذه الآثار تغيرات بدنية وعاطفية، وتتعدد هذه الأعراض تبعاً لحالة المصاب، ونوع السرطان الذي أصيب به، والخطة العلاجية المتّبعة، لذلك يمكن أن يوصي الطبيب بإجراء بعض الفحوصات اللازمة للمساهمة في إدارة هذه الأعراض والتعامل معها.
في الحقيقة لا يوجد دليل يوضح أنّ تحسين وتغيير نمط حياة المصاب يؤدي إلى انخفاض احتمالية تكرار الإصابة بسرطان الغدة الدرقية، إلّا أنّه قد يحسن من الصحة العامة والحالة النفسية للمصاب، ويمكن أن تتضمن هذه التغييرات ما يأتي:
كما ذكرنا سابقًا، يُعدّ سرطان الغدة الدرقية أحد أنواع السرطانات التي يمكن التعافي منها وعلاجها بنجاح في معظم الحالات إذا تم استخدام العلاج المناسب،ويعتمد مآل سرطان الغدة الدرقية والعلاج المستخدم فيه على نوع الورم والمرحلة التي تم تشخيصه فيها، وبناء على الدراسة التي نشرت في شهر أيار من عام 2015 م والتي أجراها العديد من الأطباء في جامعة تورو نيفادا في كلية الطب التقويمي (بالإنجليزية: Touro University Nevada College of Osteopathic Medicine)، تبين أنّ معظم حالات الإصابة بسرطان الغدة الدرقية تكون مستقرة وغير منتشرة، كما أنّ تزايد الخيارات العلاجية التي يمكن استخدامها لعلاج سرطان الغدة الدرقية ساهم في تقليل معدل الوفيات للمصابين بهذا السرطان، بما في ذلك العلاجات التي تمت الموافقة عليها مؤخرًا من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، بالإضافة إلى أن الاكتشاف المبكر للإصابة بالسرطان يساهم في ذلك أيضًا.
"