تُعرَّف الحساسيَّة (بالإنجليزية: Allergy) على أنَّها ردُّ فعل الجسم اتجاه طعام أو مادة معيَّنة، وهي من الأمور الشائعة خصوصاً لدى الأطفال، وقد تختفي الحساسيَّة مع التقدُّم في العُمر في بعض الحالات بينما قد تستمرُّ مدى الحياة في حالات أخرى، وقد تصيب الحساسيَّة البالغين بسبب مواد معيَّنة لم تكن تُسبِّب له أيَّ تحسُّس في السابق، ومن الجدير بالذكر أنَّ أعراض الحساسيَّة قد تظهر في جميع أنحاء الجسم، لكن غالباً ما تظهر في الوجه بشكل خاص، وذلك لأنَّ جلد الوجه أكثر حساسيَّة مقارنة بمناطق الجسم الأخرى، كما أنَّه أكثر عرض شائع لاستخدام منتجات التجميل التي قد تُسبِّب الحساسيَّة، وفي السياق يجدر القول بأنَّ أعراض الحساسيَّة تتفاوت باختلاف نوع المُحفِّز، فقد تكون الأعراض بسيطة ويمكن السيطرة عليها، وتتمثَّل بظهور كدمات متورِّمة على الجلد وانتفاخ الشفاه إلى جانب تدميع العينين، كما قد تكون أكثر شدَّة وتؤثِّر في النشاطات اليوميَّة للمريض، وفي بعض الحالات النادرة قد يصاب المريض بالتأق، أو كما هو معروف باسم الحساسيَّة المفرطة (بالإنجليزية: Anaphylaxis)، أو صدمة الحساسيَّة (بالإنجليزية: Anaphylactic shock)، وهي حالة مهدِّدة للحياة وفيها يظهر الجلد والشفاه بلون أزرق.
يعود سبب الإصابة بالحساسيَّة إلى أمور تتعلَّق بجهاز المناعة الذي يحمي الجسم من مسبِّبات الأمراض الغازية له، وعند الإصابة بالحساسيَّة يهاجم جهاز المناعة المواد غير الضارَّة بالجسم على أنَّها مواد غازية ومسبِّبة للمرض، والتي تُسمَّى المُحفِّزات أو مُولِّدات الحساسيَّة (بالإنجليزية: Allergen)، إذ يتفاعل جهاز المناعة معها بشكل مفرط وينتج أجساماً مضادَّة يُطلق عليها اسم الغلوبيولين المناعي هـ (بالإنجليزية: Immunoglobulin E) واختصاراً IgE، وتنتقل هذه الأجسام إلى الخلايا المنتجة للمواد الكيميائيَّة المسؤولة عن حدوث التحسُّس مثل الهستامين (بالإنجليزية: Histamine) وغيرها من المواد الأخرى، ومن الجدير بالذكر أنَّ هذه الأجسام المضادَّة تبقى على أهبَّة الاستعداد في الجسم للعمل في أيِّ وقت يتعرَّض فيه الجسم لنفس المُحفِّز، لتبدأ أعراض الحساسيَّة بالظهور على الجلد أو الجهاز الهضمي أو الجيوب الأنفيَّة،ويجدر التنبيه إلى أنَّ السبب الرئيسي لحدوث هذا التفاعل بين جهاز المناعة ومُحفِّز الحساسيَّة ما زال غير معلوم، إلا أنَّ أغلب المصابين بالحساسيَّة لديهم تاريخ عائلي للإصابة بها، أو لديهم حالات صحيَّة وثيقة الصلة بالحساسيَّة، مثل الربو (بالإنجليزية: Asthma)، والإكزيما (بالإنجليزية: Eczema)، ومن الجدير بالذكر أنَّ أعداد المصابين بالحساسيَّة في تزايد مستمرٍّ كلَّ عام
تظهر حساسيَّة الوجه نتيجة تناول طعام معيَّن أو استنشاق شيء ما أو فركه على الجلد، وتتضمَّن الأسباب المختلفة لحساسيَّة الوجه والتي سيأتي تفصيلها لاحقاً ما يأتي:
تنتج عن دخول المُحفِّزات إلى الجسم حالة تحسُّسيَّة يُطلق عليها اسم التهاب الجلد التماسي الجهازي (بالإنجليزية: systemic contact dermatitis)، بينما يحدث التهاب الجلد التماسي التحسُّسي في العادة نتيجة ملامسة المُحفِّز لمنطقة معيَّنة من الجلد، إذ تظهر أعراض الحساسيَّة في هذه المنطقة فقط،وعادةً ما تبدأ أعراض الحساسيَّة بالظهور بعد مرور 24-48 ساعة من التعرُّض لمثير الحساسيَّة، وتستمرُّ لمدَّة تتراوح ما بين 14-28 يوماً إلى حين اختفائها، وذلك حتى مع تلقِّي العلاجات اللازمة،وتتضمَّن المُحفِّزات الشائعة للحساسيَّة ما يأتي:
تتضمَّن الأعراض المصاحبة لالتهاب الجلد التماسي التحسُّسي ما يأتي:
تُعرَّف الحساسيَّة الدائمة (بالإنجليزية: Perennial allergies) على أنَّها الحساسيَّة التي من الممكن أن تحدث في أيِّ وقت على مدار العام أو طوال العام بغضِّ النظر عن الموسم، على عكس الحساسيَّة الموسميَّة التي تحدث مع تغيُّر الموسم المصحوب بنموِّ العشب والنباتات والعفن والحشرات وغيرها، وعادةً ما تحدث الحساسيَّة غير الموسميَّة بسبب الغبار في المنزل والذي يحتوي على عفن وأبواغ فطريَّة وألياف النسيج ووبر الحيوانات وبقايا عثِّ الغبار وأجزاء من الحشرات، فعلى سبيل المثال تُسبِّب المواد المتواجدة على الصراصير أعراض الحساسيَّة في العادة، وبالرغم من تواجد هذ المُحفِّز طوال العام إلا أنَّ الأعراض قد تكون أكثر حدَّة في الأشهر الباردة من السنة، وذلك لارتباط الجوِّ البارد بالبقاء وقتاً أطول في المنزل، وتتضمَّن أكثر الأعراض شيوعاً انسداد الأنف المزمن، إذ يلاحظ معاناة المصاب من سيلان الأنف وخروج إفرازات مائيَّة شفَّافة منه، والعطاس، وقد يشعر الشخص بوجود حكَّة تبدأ بشكل مفاجئ أو تدريجي في الأنف وسقف الفم والحنجرة.
تُحفِّز بعض أنواع الأطعمة استجابة غير طبيعيَّة للجهاز المناعي في الجسم، وتُعدُّ حساسيَّة الأطعمة أكثر شيوعاً لدى الرُّضع والأطفال، إلا أنَّها قد تصيب أيَّ شخص في أيِّ فئة عُمريَّة، كما أنَّه من الممكن أن يعاني الشخص من حساسيَّة تجاه طعام معيَّن لم يكن يتحسَّس منه سابقاً، وتضمُّ أكثر الأطعمة المسبِّبة للحساسيَّة لدى الأطفال البيض والحليب والفول السوداني والمكسرات وفول الصويا والقمح، فيما تتضمَّن أكثرها شيوعاً لدى البالغين السمك والمحار والفول السوداني والمكسرات مثل الجوز، ومن الجدير بالذكر أنَّ أعراض حساسيَّة الطعام عادةً ما تكون معتدلة إلا في حالات نادرة، فقد تُسبِّب صدمة الحساسيَّة، وفي السياق يجدر بالذكر أنَّ أعراض الحساسيَّة عادةً تظهر خلال ساعتين من تناول الطعام وغالباً خلال أوَّل دقائق، وفي حالات نادرة قد تظهر بعد مرور 4-6 ساعات أو أكثر،وتتضمَّن أعراض حساسيَّة الطعام ما يأتي:
يجب التنبيه على أنَّه ليس كلُّ من تظهر لديه أعراض بعد تناول أطعمة معيَّنة يعاني من حساسيَّة تجاه الطعام، أو يحتاج إلى تجنُّب هذا الطعام تماماً، فعلى سبيل المثال يعاني بعض الأشخاص من حكَّة في الفم والحنجرة بعد تناول فاكهة أو خضار نيئة وغير مطبوخة، والذي قد يشير إلى الإصابة بمتلازمة الحساسيَّة الفمويَّة (بالإنجليزية: Oral allergy syndrome) والتي هي عبارة عن ردِّ فعل لحبوب اللقاح وليس للطعام نفسه، إذ يتعامل جهاز المناعة مع حبوب اللقاح والبروتينات المماثلة لها في الطعام على أنَّها مُحفِّزات للحساسيَّة، ولتجنُّب هذا يمكن تسخين الطعام لتدمير مسبِّبات الحساسيَّة وتناوله بعد ذلك دون مشاكل.
تتسبَّب بعض أنواع الأدوية بحدوث ردِّ فعل للجهاز المناعي ممَّا يؤدِّي إلى ظهور أعراض الحساسيَّة، وأكثر هذه الأدوية شيوعاً هو دواء البنسلين (بالإنجليزية: Penicillin) وغيره من المضادَّات الحيويَّة المشابهة له، وتتضمَّن الأدوية الأخرى التي من الممكن لها أن تُسبِّب الحساسيَّة ما يأتي:
تتباين الأعراض المرتبطة بحساسيَّة الأدوية من أعراض معتدلة إلى أعراض أخرى مهدِّدة للحياة، ويجب التنبيه إلى أنَّ العديد من الأدوية تُسبِّب آثاراً جانبيَّة، مثل عدم التحمُّل أو الشعور بالانزعاج في المعدة، إلا أنَّ هذا لا يشير دوماً إلى المعاناة من الحساسيَّة تجاه الدواء، وتتضمَّن أعراض حساسيَّة الدواء التي يُسبِّبها الهستامين والمواد الكيميائيَّة الأخرى الموجودة في الجسم الشرى والطفح الجلدي وحكَّة في الجلد أو العينين، والاحتقان وتورُّم في الفم أو الحنجرة، بينما تتضمَّن الأعراض الأكثر جدِّية ما يأتي:
تُعرَف حُمَّى القشِّ باسم التهاب الأنف التحسُّسي الموسمي (بالإنجليزية: Allergic rhinitis)، والتي تحدث بسبب التعرُّض لحبوب اللقاح الناتج من الأشجار والعشب، وعادةً ما تصيب الشخص عند استنشاقه لحبوب اللقاح أو عند ملامستها للوجه أو العينين، خصوصاً في فصلي الربيع والصيف وذلك لارتفاع أعداد حبوب اللقاح في هذين الفصلين من السنة، وتتضمَّن أعراض حساسيَّة الوجه الناتجة عن حُمَّى القشِّ ما يأتي
تصيب الإكزيما والتي تُعرَف باسم التهاب الجلد التأتبي (بالإنجليزية: Atopic dermatitis) في أغلب الأوقات الأطفال لكنَّها قد تصيب البالغين أيضاً، وعادةً ما تظهر حول العينين والفم لدى البالغين، وفيها يكون الجلد جافّاً ومتشقِّقاً مع وجود حكَّة، وعادةً ما تكون الحالة مزمنة لكنَّها تتحسَّن مع مرور الوقت خصوصاً لدى الأطفال، وبالرغم من عدم معرفة السبب وراء الإصابة بالإكزيما إلا أنَّه من الواضح عدم ارتباطها بسبب واحد فقط؛ إذ ترتبط بعوامل وراثيَّة إلى جانب ظهورها جنباً إلى جنب مع حالات مرضيَّة أخرى مثل الربو وحُمَّى القشِّ، وتتضمَّن مُحفِّزات الإكزيما الصابون والمنظِّفات والضغط النفسي والطقس، وقد تلعب حساسيَّة الطعام دوراً في تحفيز الإصابة بالإكزيما أيضاً خصوصاً لدى الأطفال المصابين بإكزيما شديدة.
تُعدُّ معرفة مُحفِّزات الحساسيَّة لدى الشخص ومحاولة تجنُّبها من أهمِّ خطوات منع تحفيز الحساسيَّة وتخفيف الآثار المرتبطة بها، وفيما يأتي نصائح للوقاية من الحساسيَّة بالاعتماد على المسبِّب:
"