أ - مدينة البَاحَة:

 

الباحة بفتح الباء بعدها ألف فحاء مفتوحة مهملة ثم تاء مربوطة، بمعنى الأرض الفسيحة  .  كانت الباحة قرية صغيرة وبيوتها محدودة العدد حتى إنها ربما لم تكن تتجاوز 50 منـزلاً قبل نحو 40 عامًا. ولم تشهد تغيرًا يذكر إلا منذ التسعينيات الهجرية من القرن الثالث عشر الهجري/سبعينيات القرن العشرين الميلادي.

 

تقع مدينة الباحة في الجزء الأوسط من المنطقة، وقد جاء اختيارها لتكون مقرًا لإمارة منطقة الباحة عام 1383هـ/1963م حيث لم تكن كذلك قبل ذلك التاريخ لأن بلدة الظفير كانت هي المقر الأول للإمارة عندما أنشئت عام 1353هـ/1934م. والظفير مجاورة لمدينة الباحة لم يكن يفصلها عنها آنذاك سوى نحو 500م، واليوم لم يعد بينهما فاصل بل تقاربت المساكن حتى يمكن أن تعد الظفير حيًّا من أحياء مدينة الباحة. استمرت الظفير بوصفها مقرًا للإمارة حتى عام 1371هـ/1952م لتنقل إلى بلدة بلجرشي لمدة عامين ثم يعود مقر الإمارة ويستقر في مدينة الباحة عام 1383هـ/ 1963م  

 

ليس هناك سجل تاريخي يحدد بدء البناء في مدينة الباحة، ولكن من خلال دراسة عن الأسواق الأسبوعية ومن ضمنها سوق الباحة الأسبوعية يظهر أن الاستقرار والبناء في ذلك الموقع يتجاوز ربما 500 سنة وربما أكثر بكثير حسب أقوال أناس من كبار السن في تلك المدينة. ولم يعد هناك بناء من المباني القديمة حيث استبدلت بها بنايات حديثة. وقد نال مدينة الباحة ما نال غيرها من مدن المملكة فيما يتعلق بالتنمية العمرانية والاستفادة من بنك التنمية العقارية الذي كان أول مركز عمراني في المنطقة بحكم كونها مقرًا للإمارة تستفيد منه وبالحد الأعلى في الاستثمار أو التمويل الشخصي. وامتد إلى النطاق العمراني للبلدية ليشمل قرى كثيرة دخلت ضمن مدينة الباحة.

 

تمثل مدينة الباحة مقر إمارة المنطقة، وهي المركز التجاري الرئيس في المنطقة. وقد ساعد وقوعها وسط المراكز العمرانية في أن تكون مركزًا تجاريًّا مهمًّا في المنطقة، وكذلك سهولة الوصول إليها من جميع أجزاء المنطقة بفضل شبكة الطرق. وتقع مدينة الباحة على الطريق الرئيس الذي يربط الطائف بمدينة أبها على بعد نحو 220 جنوب مدينة الطائف وعلى بعد نحو 340 شمال مدينة أبها.

 

إن مدينة الباحة - بوصفها تمثل مقر إمارة المنطقة - استحوذت على المقار الرئيسة للدوائر الحكومية حيث يوجد فيها مقر أمانة منطقة الباحة وفيها مقر إدارة المحاكم الشرعية وفيها أيضًا مقر لإدارة تعليم البنات والبنين والغرفة التجارية وكل الإدارات الفرعية للوزارات  الأخرى، مثل: وزارة النقل، والزراعة والمواصلات، بالإضافة إلى إدارات تتبع لوزارة الداخلية، مثل: المرور، والشرطة، الدفاع المدني، وغيرها من الإدارات. كما أن مدينة الباحة تضم مئات من المحال التجارية موزعة على جوانب الشوارع الداخلية بشكل أساسي بالإضافة إلى عدد كبير من المحال التجارية الرئيسة والبنوك الواقعة على الطريق الرئيس الذي يربط بين محافظة الطائف ومدينة الباحة.

 

يوجد في مدينة الباحة جامعة أنشئت حديثًا، وكلية للتقنية، ومعهد صحي، ومستشفى رئيس يتسع إلى أكثر من 500 سرير. ولعل من المعالم الرئيسة في المدينة: غابة رغدان، وغابة شهبة، وفندق قصر الباحة، والفندق القبابي الشكل أو ما يعرف بالموتيلات، وبعض المباني القديمة في حي الظفير وبعض القرى المجاورة، مثل: حصني الملد، والعقبة المسماة بعقبة الباحة والتي تنسل من مدينة الباحة حتى مدينة المخواة عاصمة محافظتها في تهامة.

 

بلغ عدد سكان مدينة الباحة فقط حسب تعداد عام 1425هـ/2004م 85212 نسمة، وفي الحقيقة فإن هذا الرقم يبدو كبيرًا جدًا إذا ما قارناه بتعداد عام 1394هـ/1974م الذي كان فيه عدد سكان مدينة الباحة 2104 نسمات. وبلغ عام 1413هـ/1992م 15587 نسمة. ولكن الذي حدث هو أن عددًا كبيرًا من المراكز العمرانية المحيطة بمدينة الباحة ضمت سكانيًّا كما هي الحال إداريًّا إلى المدينة لكون المباني أصبحت متقاربة إلى درجة يمكن عدُّ ما ضم إليها من المراكز العمرانية أحياء للمدينة وإن كانت لا تزال بأسماء قرى في الغالب.

 

لقد قامت مدينة الباحة بدور اقتصادي مهم منذ قرون بوصفها مكانًا لسوق تنعقد أسبوعيًّا كل خميس. وقد كان من أشهر الأسواق الأسبوعية في منطقة الباحة ويفد إليه أناس من أمكنة متباعدة من المنطقة يوم الأربعاء غالبًا ويعودون مساء يوم الخميس. ولم يكن فيها حتى قبل 60 عامًا تقريبًا محال تجارية ثابتة تمارس بيع الاحتياجات الضرورية كل يوم. ولذا كان للسوق الأسبوعية في الباحة أهمية كبيرة. وعلى الرغم من أن السوق لم تعد الآن سوقًا أسبوعيًّا بالمعنى الذي كان عليه نظرًا إلى وجود مئات من المحال التجارية في المدينة التي تلبي الاحتياجات اليومية إلا أن يوم الخميس يعد يومًا مميزًا بالنسبة إلى أعداد المتسوقين وحجم التبادل التجاري حيث يمكن القول إن أعداد الباعة المتجولين تزيد وأعداد المشترين أيضًا تزداد زيادة كبيرة.

 

ب - مدينة المَخْوَاة: 

 

بفتح الميم وسكون الخاء وفتح الواو بعدها ألف وتاء مربوطة. تقع مدينة المخواة في نطاق تهامة في الجزء الجنوبي الغربي من منطقة الباحة. وهي تمثل مقر محافظة المخواة بل تكاد تتوسط المحافظة. كما أنها تقع عند التقاء عدد من الأودية التي ينبع معظمها من جبال السراة، في مكان منخفض نسبيًّا حتى أن أجزاء منها تعرضت أكثر من مرة لاجتياح السيول، ما دفع بالجهات المسؤولة إلى عمل مخططات تم فيها منح الأهالي أراضي في تلك المخططات، ما مكن من قيام عدد من الأحياء بعيدًا عن مخاطر السيول. وتعد مدينة المخواة من المدن التي نمت نموًا سريعًا في نطاق تهامة بمنطقة الباحة. لقد كانت هذه المدينة قبل أكثر من 30 سنة مساكن مبنية من الحجر، ومكونة من دور واحد فقط في الغالب. بالإضافة إلى عدد كبير من العشش. ولكن المخواة بوصفها مدينة امتدت امتدادًا شماليًّا جنوبيًّا وزاد عدد سكانها حيث إنه كان أقل من 2000 نسمة عام 1394هـ/1974م ليبلغ 7836 عام 1413هـ/1992م ولكنه بلغ 18991 نسمة عام 1425هـ/2004م.

 

كانت قرية المخواة تمثل مركزًا تجاريًّا مهمًّا في منطقة الباحة منذ مئات السنين ولم تكن في مكانها الموجود حاليًا وإنما في مكان مرتفع إلى الغرب من الموقع الحالي على سفح جبل. ولا تزال شواهد تلك القرية القديمة باقية على شكل مبانٍ قديمة مهدمة. كانت في هذه المدينة سوق أسبوعية تبدأ يوم الأربعاء وتنتهي يوم الخميس وكان من أشهر الأسواق وأهمها في منطقة الباحة بل وفي نطاق تهامة من منطقة الباحة وغيرها. لقد كان التجار - وخصوصًا من مدينة بلجرشي - يقومون بتجميع الحبوب والسمن والعسل بشكل أساسي وذلك تمهيدًا لإرسالها إلى مدن الطائف ومكة المكرمة وجدة. بالإضافة إلى بيع بعض منها في بعض الأسواق الأسبوعية في المنطقة. ولقد اتبع التجار قديمًا في هذه السوق أسلوب التجميع والتخزين تمهيدًا لنقل هذه المنتجات بوساطة قوافل إلى تلك المدن.

 

ولقد كانت المخواة - من خلال سوقها التجاري - على علاقة قوية بالباحة وببلجرشي عندما كانتا قريتين وكذلك قرية رغدان والسبب في ذلك وجود سوق أسبوعية في كل قرية من هذه القرى، يتجول كثير من الباعة المتجولين في هذه الأسواق. وعلى الرغم من أن هناك حاجزًا جبليًّا يفصل بين هذه القرى في نطاق السراة وبين المخواة في نطاق تهامة إلا أن السكان في ذلك الوقت عملوا على بناء طرق متعددة وشقها تربط بين السراة وتهامة لتصل بين تلك القرى في السراة وبين المخواة. وقد خُصِّصَ بعضها للراجلين وبعضها الآخر للجمال من دون حمل وبعضها للجمال والبغال والحمير وهي محملة. ومن أشهر هذه الطرق التي تسمى محليًّا (عقبة وجمعها عقاب):

 

 عقبة الباحة من شفا بني عبدالله.

 

 عقبة بني حدة وخفة من شفا بني ظبيان.

 

 عقبة حميدة من شفا بني ناشر من بلجرشي.

 

 عقبة حزنة من شفا بني ناشر من بلجرشي.

 

 عقبة الحمرة من شفا بني ناشر من بلجرشي  . 

 

ويتضح من هذا العرض مدى العلاقة بين بلجرشي والمخواة من خلال وجود ثلاث عقبات ولعل جزءًا كبيرًا من هذه العلاقة كان تجاريًّا بالإضافة إلى جوانب العلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية.

 

لقد انتهى دور كل هذه العقبات ولم تعد تستخدم حيث تم افتتاح طريق أسفلتي يربط بين مدينة الباحة والمخواة يبلغ طوله نحو 45كم. وتم افتتاح هذا الطريق قبل نحو ربع قرن. وقد أسهم هذا الطريق إسهامًا كبيرًا في التواصل التجاري بين نطاقي السراة وتهامة حيث انتعشت الحركة التجارية في كل من تهامة والسراة. ما زاد من عملية التكامل الاقتصادي خصوصًا في المنتجات المحلية. كما انتعشت الحركة السياحية. حيث أصبح كثير من سكان المخواة يتحركون في الصيف إلى السراة والعكس في فصل الشتاء يذهب كثير من أبناء السراة إلى بناء مخيمات في تهامة وجزء منها بالمخواة أو قريب منها.

 

وقد استفادت مدينة المخواة من البنك العقاري في تمويل عدد من القروض الشخصية والاستثمارية؛ وبخاصة مع منح عدد من المواطنين أراضي تم البناء عليها. وأسهم ذلك في امتداد المدينة وارتفاع أسعار الأراضي وساعد على ذلك موقع مدينة المخواة المتميز حيث إنها مرتبطة بشبكة جيدة من الطرق. يمر بها من الجزء الجنوبي الطريق الذي يربط بين مدينتي جدة وجيزان، كما أنها ارتبطت بمدينة الباحة بطريق معبد، ويخرج من شمالها طريق معبد يربطها بعدد من بلدات تهامة وقراها. ويلتقي هذا الطريق بطريق جدة جيزان جنوب محافظة الليث بعد أن يمر بمحافظة قلوة وبلدة الشعراء وبلدة الحجرة.

 

توجد في مدينة المخواة كل المراكز والمؤسسات الحكومية الرئيسة، مثل: مقر محافظة المخواة وإدارة تعليم بنين وبنات ومركز دفاع مدني ومحكمة شرعية وبلدية فئة (د) وكذلك كلية متوسطة ومركز للشرطة وعدد من المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية في كل مراحل التعليم العام. كما يوجد عدد كبير من المحال والمؤسسات الأهلية التجارية من بقالات وغيرها وكذلك مؤسسات المعمار والصيانة حيث ينتشر أغلبها على الطريق الرئيس الذي يمر بمدينة المخواة ليلتقي بطريق جدة جيزان في موقع اسمه المثلث حيث يمثل مفترق طرق بين كل من جدة وجيزان والمخواة. وكذلك يربط هذا الطريق الرئيس بين المخواة وقلوة كما يصل إليه الطريق الذي يمتد من مدينة الباحة إلى مدينة المخواة. وهذه الشبكة من الطرق جعلتها في موقع متميز يساعدها على النمو اقتصاديًّا وعمرانيًّا.

 

ج - مدينة بلجرشي: 

 

تقع مدينة بلجرشي في الجزء الجنوبي من منطقة الباحة على بعد نحو 30كم من مدينة الباحة مقر الإمارة. وتعد مدينة بلجرشي من أقدم المراكز العمرانية في منطقة الباحة ومن أكبرها في الماضي والحاضر. وهي تقع على الحافة الجبلية لجبال السراة، كما يمر من أطرافها الشرقية الطريق الرئيس الذي يربط الطائف بمدينة أبها مارًّا بمدينة الباحة.

 

وقد كانت مباني مدينة بلجرشي مبنية من الحجر الجرانيتي شأنها في ذلك شأن كثير من المراكز العمرانية في المنطقة، وكانت بيوتها في الغالب مكونة من دورين، وبعضها من دور واحد. وكانت فيها سوق أسبوعية تنعقد يوم السبت من كل أسبوع تعد من أكبر الأسواق من حيث مرتادوها حيث كان موقع السوق يتوسط بلجرشي. وقد تغيرت الحال في الوقت الحاضر وانتهى دورها بوصفها سوقًا أسبوعية وأصبحت سوقًا يومية ويزداد أعداد الباعة والمشترين ازديادًا ملحوظًا فيها يوم السبت شأنه في ذلك شأن سوق مدينة الباحة.

 

كانت سوق بلجرشي الأسبوعية تستقبل المنتجات خصوصًا الحبوب من القرى المجاورة، بل من قرى بعيدة في المنطقة، ويقوم التجار في بلجرشي بتخزينها ومن ثَمَّ نقلها إلى أسواق أخرى مثل المخواة لبيعها لتجار آخرين ليقوموا بدورهم بنقلها إلى مدينتي مكة المكرمة وجدة وكانت سوق بلجرشي تستقبل التمور من بيشة ومن ثَمَّ يقوم التجار في مدينة بلجرشي بنقلها إلى أسواق أخرى في منطقة الباحة وبيعها على مدار العام  . 

 

ولكون بلجرشي كانت من أكبر المراكز العمرانية والتجارية أيضًا فقد اختيرت في عام 1371هـ/1953م مقرًا لإمارة منطقة الباحة حيث ظلت بها حتى نقلت إلى مدينة الباحة عام 1383هـ/1963م. وكانت في الحقيقة بعيدة عن أغلب المراكز العمرانية في منطقة الباحة وربما كان ذلك هو السبب في عودة مقر الإمارة إلى مكان متوسط ألا وهو مدينة الباحة.

 

يوجد في مدينة بلجرشي كل المراكز الحكومية الرئيسة، حيث يوجد فيها محافظة فئة (أ)، كما يوجد فيها أول مستشفى أنشئ في منطقة الباحة منذ أكثر من 30 عامًا. ويوجد فيها مقر للبلدية فئة (ب)، بالإضافة إلى عدد كبير من المدارس للبنين والبنات لكل مراحل التعليم العام. وهناك مركز للدفاع المدني ومركز للشرطة ومحكمة. ويوجد في مدينة بلجرشي عدد كبير من المحال التجارية موزعة على شوارعها الرئيسة الداخلية وعلى الطريق العام الذي يربط الطائف بأبها مارًا بمدينة الباحة وكذلك ببلجرشي. وهناك أيضًا عدد من المؤسسات المعمارية. كما يوجد فيها عدد من المستوصفات الأهلية ومستشفى أهلي كبير.

 

د - مدينة قِلْوة:

 

بكسر القاف وسكون اللام وفتح الواو فتاء مربوطة، تقع في الجزء الأوسط من نطاق تهامة في منطقة الباحة عند ملتقى عدد من الأودية المنحدرة من جبال السراة. وتبعد عن مدينة الباحة نحو 60كم باتجاه الغرب. ويتم الوصول إليها من مدينة الباحة عبر جبال السراة من خلال عقبتين، الأولى هي: عقبة الباحة مرورًا بمدينة المخواة وهي الأسهل، والثانية عن طريق عقبة الملك خالد وهي الأقصر، ولكنها ليست الأسهل. وهما طريقان معبدان يخترقان جبال السراة صوب تهامة باتجاه الغرب.

 

كانت قلوة بلدة صغيرة جدًا وأعداد منازلها محدودة ومبنية من الحجر وفي الغالب مكونة من دور واحد وأحيانًا قليلة من دورين. وقد كانت تتوسطها ساحة ينتصب بها حصن شامخ لحراسة السوق الأسبوعية التي كانت تنعقد كل يوم ثلاثاء، حيث كان كثير من الباعة والمشترين يفدون إليها مساء يوم الاثنين ويغادرونها مساء يوم الثلاثاء. وكانت هذه السوق تشكل أهمية اقتصادية لأهل القرية والقرى المنتشرة في هذا الجزء. وكان الباعة يفدون إليها من أمكنة بعيدة أحيانًا، مثل السراة أو من القرى الساحلية.

 

ولا شك في أن مدينة قلوة استفادت من قروض البنك العقاري ومن منح الأراضي التي حصل عليها كثير من المحتاجين لها حيث مكن ذلك من امتداد المدينة واتساعها وخصوصًا على امتداد الطريق الرئيس الذي يمر عبرها.

 

كانت أعداد سكان مدينة قلوة أقل من 1000 نسمة عام 1394هـ/1974م ولكن عددهم أصبح 6132 نسمة عام 1413هـ/1992م في حين بلغ 11515 نسمة عام 1425هـ/2004م. وهذه الزيادة طبيعية نظرًا إلى استمرار التنمية وزيادة المشروعات الخدمية وتحسن الأوضاع الصحية التي زادت من عدد أفراد الأسرة ومن ثَمَّ التوسع في الناحية العمرانية. ولا شك في أنه مع استمرار التنمية سيزيد امتداد هذه المدينة وتوسعها.

 

يوجد في مدينة قلوة كل المؤسسات الحكومية الرئيسة من مدارس للبنين والبنات لكل المراحل ومحكمة ومقر للمحافظة وبلدية فئة (ج) ومركز لكل من الشرطة والدفاع المدني ومحكمة شرعية ومستشفى صغير ومكتب للبريد والاتصالات وغيرها من المؤسسات الحكومية بالإضافة إلى عدد من المؤسسات والخدمات الأهلية، مثل المحال التجارية التي تنتشر بشكل رئيس على جوانب الطريق الرئيس الذي يمر وسط مدينة قلوة باتجاه شمالي جنوبي وكذلك مؤسسات الصيانة والمعمار.

 

هـ - مدينة المَنْدَق:

 

بفتح الميم وسكون النون وفتح الدال المهملة بعدها قاف، وتقع على مقربة من شعاف جبال السراة (الشعاف جمع شعف وهو الشفا أو ما ارتفع من الأرض) لا يفصلها سوى شِعب صغير وهي تقع إلى الغرب من سفح سلسلة صغيرة من جبال السراة في الجزء الشمالي الغربي من منطقة الباحة. تبعد عن مدينة الباحة نحو 35كم باتجاه الشمال الغربي من مدينة الباحة ويربط بينهما طريق معبد يشكل جزءًا مما يعرف بالطريق السياحي الذي يبدأ من الطائف مرورًا ببني سعد وبلحارث وبني مالك والجزء الشمالي من منطقة الباحة ليسير محاذيًا لحافة جبال السراة حتى يلتقي بالطريق القديم الذي يربط الطائف بأبها إلى الشمال من مدينة الباحة.

 

كانت قرية المندق قرية صغيرة جدًا ربما لم يكن يزيد عدد بيوتها عن 50 بيتًا في أواخر القرن الماضي. وكانت أول قرية يتم إنشاء مركز إداري فيها ومحكمة شرعية في الجزء الشمالي من منطقة الباحة وخصوصًا في بلاد زهران حيث كان كل أهل ذلك الجزء الشمالي الذي يوجد فيه الآن أكثر من 15 مركزًا إداريًّا، يذهبون إلى المركز الإداري والمحكمة الشرعية هناك لحل مشكلاتهم وكان ذلك قبل أكثر من نحو نصف قرن.

 

كانت للمندق أهمية اقتصادية؛ لكونها تحتضن في جوفها سوقًا أسبوعية ينعقد كل يوم سبت ويخدم أناسًا كثيرين من الطرف الشمالي الغربي من منطقة الباحة بل ومن الطرف الشمالي الشرقي من سكان تهامة. كانت سوقًا تخدم المجتمع الزراعي حيث كان المزارعون يبتاعون احتياجاتهم المتنوعة ويبيعون منتجاتهم وخصوصًا الحبوب وكذلك أدوات الزراعة والأغنام. يقصدها الباعة المتجولون من قرى متعددة من داخل منطقة الباحة. وقد انتهى دور هذه السوق بوصفها سوقًا أسبوعية نظرًا إلى كثرة المحال التجارية التي أصبحت تلبي الاحتياجات اليومية المتزايدة ولكن يلحظ ازدياد أعداد الباعة والمشترين نسبيًّا يوم السبت وخصوصًا باعة الأغنام.

 

كانت المندق بلدة صغيرة في عدد سكانها حتى إنها كانت أقل من 1000 نسمة عام 1394هـ/1974م، ثم زاد عدد سكانها ليبلغ 2265 نسمة عام 1413هـ/1992م. لكنه ارتفع وبشكل كبير ليبلغ 9144 نسمة عام 1425هـ/2004م لسكان المدينة فقط. إن موقع مدينة المندق على أرض ليست بالسعة ذاتها ووعرة التضاريس سيجعل من الصعوبة التوسع أفقيًّا، ولكن ما يحصل هو أن قرى مجاورة أصبحت مرتبطة عمرانيًّا مع مدينة المندق ولذلك سيكون التوسع من جهة القرى المحيطة لمدينة المندق والملاصقة لها.

 

يشق مدينة المندق الطريق العام الرئيس الذي يربطها بمدينة الباحة ويربطها بمحافظة الطائف كما أن هناك طريقًا يتفرع من هذا الطريق يربطها ببلدة الأطاولة الواقعة إلى الشرق من مدينة المندق على بعد قرابة 25كم.

 

يوجد في مدينة المندق كل المراكز الحكومية الرئيسة حيث يوجد فيها مستشفى سعة 100 سرير ومقر للمحافظة وبلدية فئة (ج) ومدارس للبنين والبنات لكل المراحل ومحكمة شرعية ومركز دفاع مدني ومركز للشرطة. وتنتشر على جانبي الطريق الرئيس عدد من المحال التجارية والمؤسسات الخاصة التي تقدم خدمات متنوعة.

 

و - مدينة العقيق: 

 

تقع مدينة العقيق إلى الشرق من مدينة الباحة مقر إمارة المنطقة. وهي مقر محافظة العقيق. وفي الحقيقة فإن العقيق كان في الأصل واحة اشتهرت بنخيلها من دون أن يكون هناك سكان ثابتون وإنما سكان بادية أو شبه بادية يتنقلون ويدفعون أجورًا من أجل العناية بالنخيل طوال السنة. ولعل العقيق هي أول الأمكنة في الجزء الشرقي من منطقة الباحة ذات الطبيعة الصحراوية التي بدأ فيها استقرار سكان البادية. والسبب في ذلك يعود إلى وفرة المياه وخصوبة الأرض. ولكن الاستقرار بدأ فيه بالتدريج حتى إن بعضًا ممن استقروا خلال 30 سنة الماضية لم يكونوا من سكان البادية، ولكن من قرى في منطقة الباحة.

 

ولقد نمت مدينة العقيق وامتدت حول الأراضي الزراعية في بداية الأمر إلا أن المساكن والأحياء قامت خلال العشر سنوات الأخيرة على امتداد الطريق الذي يربط العقيق بمدينة الباحة. وقد تغير البناء والنمط العمراني الذي كان في أول الأمر من الطين وغالبًا يتكون المنـزل من دور واحد. ولكن الغالبية العظمى من المنازل في الوقت الحاضر من الأسمنت المسلح الذي على شكل عمارات وفلل. وقد أسهم صندوق التنمية العقاري، وكذلك منح الأراضي السكنية من قبل الحكومة في التوسع العمراني، واستقرار سكان البادية، وعلى نطاق واسع في العقيق والمراكز الإدارية الأخرى التابعة لمحافظة العقيق.

 

زاد عدد سكان مدينة العقيق من بضع مئات عام 1394هـ/1974م إلى 6445 نسمة عام 1413هـ/1992م ليبلغ 12674 نسمة عام 1425هـ/2004م. وكانت تلك الزيادة مواكبة للتنمية المستمرة وتوافر الخدمات الصحية الجيدة وتوفير الخدمات المتنوعة الأخرى التي من شأنها استقطاب عدد من سكان البادية للاستقرار وممارسة أعمال اقتصادية أخرى غير حرفة الرعي.

 

تشتهر مدينة العقيق بالزراعة وخصوصًا زراعة النخيل لإنتاج أنواع متعددة من التمور كما أنها تنتج الخضراوات وبكميات جيدة على مدار السنة لتصل منتجاته إلى أسواق الباحة وبلجرشي بالدرجة الأولى. وقد ساعدها على ذلك وقوعها على ضفاف وادي العقيق وهو وادٍ كبير أقيم عليه سد يغذي جزءًا من منطقة الباحة بمياه الشرب.

 

تنعقد في هذه المدينة سوق أسبوعية على جانب الطريق الرئيس عند مدخل المدينة في يوم الجمعة قبل الصلاة وبعدها. وقد بدأت هذه السوق منذ نحو 30 عامًا. ولعل الأغنام أهم ما كانت تباع فيها ولا تزال، حيث كانت هي الأساس بل تكاد تكون سوقًا خاصة بالأغنام تباع فيها في بدايات السوق البضائع المتنوعة التي تُعْرَضُ للبيع بعد صلاة الجمعة. يتسوق فيها سكان القرى المجاورة بل إن بعضهم يأتي من مسافات بعيدة من منطقة الباحة لشراء الأغنام؛ وبخاصة في موسم الصيف حيث تكثر مناسبات الأعراس التي تحتاج عادة إلى أعداد كبيرة من الأغنام تتوافر في سوق، مثل العقيق لقربه من أراضي البادية. ويأتي إلى هذه السوق باعة متجولون من مناطق أخرى، مثل عسير ومكة المكرمة يحملون بضائع متنوعة على سياراتهم ويتجولون في أسواق أخرى في المنطقة وغيرها.

 

يوجد في مدينة العقيق جميع الدوائر الحكومية الرئيسة، وبلدية فئة (د) بالإضافة إلى مدارس متنوعة المراحل للبنين والبنات ومستشفى ذو سعة محدودة ومستوصف حكومي وعدد من المحال التجارية ذات الأحجام المتوسطة والموزعة على أحياء المدينة وعلى الطريق العام. بالإضافة إلى وجود فندق وعدد من الشقق المفروشة.

 

يقع مطار الباحة في محافظة العقيق وهو ملاصق لمدينة العقيق. هناك طريق رئيس يربط بين مدينتي الباحة والعقيق وهو طريق معبد أسهم في خدمة مدينة العقيق وكل المنطقة، لأنه يربط المطار مع بقية أجزاء المنطقة كما أن هذا الطريق كان سببًا في قيام عدد من المنشآت الحكومية على امتداده لوجود أراضٍ واسعة نسبية يمكن أن تقام عليها منشآت كبيرة. ولعل من أهم المعالم لمدينة العقيق هو وجود مطار الباحة وكذلك وجود سد وادي العقيق على مقربة من المدينة.