مواد البناء بالرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مواد البناء بالرياض في المملكة العربية السعودية

مواد البناء بالرياض في المملكة العربية السعودية.

 
ترتبط مواد البناء بنمط البيئة التي يعيش فيها أفراد المجتمع، ونظرًا إلى أن منطقة الرياض بيئة صحراوية فنجد أن الطين هو العنصر الرئيس في بناء المنازل في البيئة القروية، ويُطلق على البيوت التي يُستخدم هذا العنصر في بنائها (بيوت الطين)، في موازاة بيوت الشعر لدى ساكني البادية.
ويعدُّ الطين ليكون صالحًا للبناء بإضافة القش أو التبن إليه، وهو ما يُستخرج بعد درس القمح والشعير وفصلهما عن الحبوب، والهدف من خلط الطين بالتبن قبل البناء هو زيادة الطين قوة وتماسكًا، كما أنه يحول دون تشقق الجدران، ويسمح للطين بالتمدد نظرًا إلى ما به من مسام، إضافة إلى امتصاصه البرودة والحرارة.
أما اللَّبِن  فهو عنصر مهم أيضًا من عناصر البناء في البيئة الصحراوية في المنطقة، ويُصنع اللَّبِن عن طريق خلط الطين مع التبن حتى يصبح متماسكًا، ثم يأخذه البنَّاء ويضعه في إطار خشبي مستطيل مفتوح من جهته العليا والسفلى، ويعرّض للشمس حتى يجف، وعندما يجف يرصه البنّاء بعضه فوق بعض ويضع بين كل لبنة وأخرى كمية من الطين المخلوط لمساعدة اللَّبِنات على التماسك، ويقوم البنَّاء بوضع ثلاث أو أربع رصات من اللَّبِن، وعندما تتماسك بعد مضي يوم يستمر في البناء، وهكذا حتى ينتهي البناء. وتسقف المنازل بأشجار الأثل والخوص والمواد المتوفرة في البيئة المحلية ثم يوضع الطين فوقها حتى تتماسك
 

أدوات البناء

 
تُستخدم في عمليات البناء والتحضير له أدوات كثيرة سواء كانت من الحديد أو الخشب أو الجلد، ونستعرض هنا أبرز تلك الأدوات المستخدمة واستعمالاتها على النحو الآتي:
 
أ - المسحاة:
 
وهي قطعة حديد لها مقبض خشبي، يستعين بها السكان لأعمال مختلفة، منها عزق الأرض وحرثها، وإزاحة التراب، وأي أعمال تتطلب إزالة التراب من مكان إلى آخر أو تجميعه أو خلطه.
 
ب - الملبن (الملبان): 
 
وهو صندوق خشبي على شكل متوازي المستطيلات مفتوح من الأعلى والأسفل، والهدف منه تشكيل اللبن ليصبح وحدات متماسكة تكون الأساس في بناء جدران المنازل.
 
ج - المحافر: 
 
وهو جمع محفرة، ويتكون من زنبيل صغير مصنوع من الخوص، ويُستخدم لنقل الطين من مكان خلطه إلى موقع البناء.
 
د - الملعقة: 
 
وهي قطعة حديد ذات مقبض خشبي، مستطيلة الشكل برأس شبه مدبب، يستخدمها البنّاء في نقل الخلطة من الزنبيل إلى الجدار وتسويتها بين الحجارة، وتسمى أيضًا (المسطرين).
 
هـ - الميزان:
 
وهو قطعتان من خشب مثقوبتان يصل بينهما خيط، ويتحرك بينهما ثقل مثقوب يمر داخله الخيط، ويستخدمه البنَّاء لحفظ الاعتدال الرأسي للجدران، ويسمى (الشاقول). و (الزئبقة) تستخدم للتوازن الأفقي. وهذان مهمان جدًا في البناء.
 
ما ذكرناه آنفًا يمثل بعض أدوات البناء التي تُستخدم بكثرة، على أن هناك أدوات أخرى لا تمثل أهمية محورية في عملية البناء.
 

البناؤون ووظائفهم

 
يعتمد البناء على التكامل والتعاون بين مجموعة من أفراد المجتمع، وسوف نستعرض فيما يأتي الأدوار التي يقوم بها كل فرد من أفراد تلك المجموعة لإتمام عملية البناء، مع العلم أن عملية التقسيم هذه ليست متبعة بالضرورة، فطالما حدث تداخل في الأدوار، فقد يقوم فرد بأكثر من عمل.
 
أ - الأستاد (الأستاذ):
 
هو المصطلح الذي يطلقه مجتمع منطقة الرياض على الشخص المتمرس في البناء الذي تكون لديه خبرة في بناء المنازل الطينية، وعمله يشبه في الوقت الحاضر عمل المقاول أو متعهد البناء. والأستاد هو الشخص الذي تقوم عليه عملية البناء، وهو الذي يوجه جميع العاملين إلى إجراءات العمل، ويحظى بالاهتمام والتقدير من جميع العاملين معه، وهو الذي يخطط الموقع، ويصمم البناء، ويحدد الأعمال والوظائف، ويوزع المسؤوليات على العاملين معه، ويحدد أجورهم ومكافآتهم الشهرية أو اليومية. كما أن للأستاد بعدًا اجتماعيًا مهمًا يبرز في إضفاء الشرعية على أعمال الآخرين، فمن خلاله يمكن أن يُشهد لشخص أنه أصبح من معلمي البناء، ويمكن له ممارسة دور الأستاد بمعزل عن المعلم الأساسي. ويتمحور دور الأستاد - بالإضافة إلى الإشراف على مراحل البناء كاملاً - في تولي بناء الأساسات والعروق، وكذلك الجدران بالحجارة والطين واللَّبِن.
 
وإذا كان البناء كبيرًا فقد يُستعان بأستاد آخر، وخصوصًا عند بناء القصور والمساجد وغير ذلك من الأبنية الضخمة التي تستغرق جهدًا كبيرًا ووقتًا طويلاً.
 
ب - مساعد الأستاد (الأستاذ):
 
مساعد الأستاد يعدّ مثل ساعده الأيمن، بل إنه يحل أحيانًا محله في تنفيذ عملية البناء عند غيابه أو عند رغبته في أخذ وقت للراحة.
 
ومساعد الأستاد هو الذي يقف قريبًا منه، ويلقفه ويناوله اللَّبِن والطين كلما طلب منه ذلك. وقد تكون لدى الأستاد مجموعة من الأشخاص يطلق عليهم (الحرفية) يتعاونون معه، ولكل واحد منهم اختصاصه، على أن العمل لا يقتصر على هؤلاء الحرفيين الذين يعاونون الأستاد بل إن هناك فريقًا آخر سوف نقوم بوصف أدوارهم تباعًا.
 
ج - المثور:
 
وهو العامل الذي يجهز تراب الطين على شكل (حوض) ليصب فيه الماء، وقد سمي بذلك الاسم لأنه يثير الغبار.
 
د - الخلاط:
 
وهو الشخص الذي يخلط الطين بالماء.
 
هـ - الشذاب:
 
وهو الشخص الذي يقطع الطين بعد تخميره ويجهزه للخلاط.
 
و - الوطاي:
 
وهو الشخص الذي يتعاون مع الخلاط في خلط الطين ووطئه بالأقدام حتى يلين.
 
ز - الملبق:
 
وهو الذي يقوم بتجهيز اللباق (قطع الطين التي تكون على شكل كُوَر " مفردها كرة ") ليسهل حملها باليد أو باليدين معًا.
 
ح - الملبن:
 
وهو الذي يعد اللَّبِن من الطين باستخدام الملبن.
 
ط - المعدي:
 
وهو الذي يحمل كتل الطين الكروية من اللباق ويناولها إلى العامل الذي يليه وهو (الزقّاف).
 
ي - الزقَّاف:
 
وهو الذي يقذف اللباق إلى اللقاف فيلقفها منه.
 
ك - اللقَّاف:
 
وهو الذي يلقف اللباق من (الزقَّاف) ويمد بها مساعد الأستاد ليناولها إلى الأستاد.
 
يبدو تفاعل سكان المنطقة مع بيئتهم من الناحية السكنية واضحًا للعيان، فقد تمكنوا من استغلال كل إمكانات البيئة وتطويعها لبناء مساكنهم، فأخذوا الطين من الأودية، وأخذوا المواد اللازمة للتسقيف وصنع الأبواب من النخيل والأثل.
 
أما من ناحية المناخ والتضاريس فقد جاءت أنماط البناء موائمة للعناصر المناخية التي تسود المنطقة من رياح وأمطار وحرارة، فنراهم يصممون بيوتهم لتناسب حرارة الصيف الشديدة، فيضم البيت الليوان والأحواش والأسطح التي تخفف من حر الصيف اللاهب، ويصممون غرفًا داخلية محكمة لإيقاد النار وتوفير الدفء في الشتاء قارس البرودة. أما الرياح فيتقون خطرها برفع المباني وتقوية الأساس وتسميك الجدران الخارجية، وخصوصًا تلك التي تواجه هبوب الرياح القاسية، ولأنهم في بيئة صحراوية فقد راحوا يعدون العدة للاستفادة من الأمطار ودرء خطرها في آن واحد، فحرصوا على استجلاب مياه الأمطار من الأسطح عبر الميازيب لسد حاجتهم من الشرب والطبخ وغير ذلك، كما حرصوا على أعمال الصيانة لدفع خطر الأمطار فنراهم يضيفون قَدْرًا من الطين إلى السقوف بين فترة وأخرى في محاولة لتقوية ما تأثر منها جراء الأمطار  . 
 

مظاهر الثبات والتغير

 
لقد تطور البناء في المنطقة، وأخذ ينتقل من مرحلته التقليدية القديمة إلى عمران حديث يتناسب مع الحياة الجديدة التي بدأت تسود البلاد بعد عهد الاستقرار وتوحيد الدولة واكتشاف البترول وانفتاح المملكة على العالم الخارجي، وكان لخطط التنمية المتلاحقة التي بدأت من عام 1390هـ / 1970م دور كبير في انتقال الحياة الاجتماعية في المنطقة من الحياة التقليدية إلى النمط الحديث؛ فقد تغيرت مواد البناء من طين ولَبِن إلى مادتي الأسمنت والحديد، والبناء بالأسمنت والحديد سهل ونظيف وقابل للتشكيلات الحديثة ويمكِّن من إقامة أبنية شاهقة من أدوار متعددة، وهو ما لم يكن ليتيسر عندما كان الناس يستعملون الطين واللَّبِن المجفف بالشمس.
 
لقد أسهمت مجموعة من العوامل في إحداث تطور عمراني حديث في المنطقة ومنها:
 
" تطور اقتصاد البلاد بعد استخراج البترول بكميات تجارية وبعد دخول الكهرباء إلى المدن السعودية وتطور وسائل النقل والبرق والبريد والهاتف واللاسلكي. ويلاحظ في البناء الحديث طابع الحضارة الحديثة، فالبناء قد أصبح على شكل أدوار كثيرة وفي صفوف منظمة ومرتبة ترتيبًا هندسيًا. وهذه الأبنية الحديثة أدت إلى إيجاد شوارع عريضة ومنظمة ومسفلتة حسب متطلبات البناء الجديد والحياة الجديدة. وقامت الحكومة بإنشاء مجموعة من المتنـزهات والحدائق العامة.
 
والأبنية الحديثة امتازت بالنظافة النسبية والتهوية الصحية الحديثة ودخول الشمس في غرفها ودخول إضاءة ممتازة. ولقد أثر هذا كله على تقدم الوضعين الصحي والاجتماعي للسكان، وكان هذا التطور في البناء نتيجة لارتفاع مستوى معيشة الناس من الناحية الاقتصادية وزيادة الدخل المادي للبلاد "  . 
 
إضافة إلى ذلك فقد كان للقروض التي تقدمها الدولة للمواطنين عن طريق صندوق التنمية العقارية أكبر الأثر على النمو العمراني، إذ إن هذه القروض طويلة الأجل أتاحت للمواطنين الفرصة لبناء مساكن خاصة بهم لم يكونوا يستطيعون الحصول عليها لولا دعم الدولة السخي والمتواصل لرفعة الوطن والمواطن.
 
وهكذا تطور البناء بما يناسب الحياة الجديدة التي ضربت أطنابها في كل مكان بعد ظهور البترول في جزيرة العرب وانفتاح المجتمع السعودي على العالم الخارجي، ومع كل ذلك ظل المواطن السعودي ينظر إلى موروث الآباء والأجداد على أنه مصدر قوته وحضارته، فنلاحظ على سبيل المثال أن معظم القصور والفلل الفاخرة تحتوي على موقع خاص بالخيمة العربية التقليدية، بل إنه يوجد بالفنادق غالبًا ركن خاص بالموروثات الشعبية التي تشتمل على بيت الشعر والمجلس العربي، ويقيم المواطنون السعوديون داخل منازلهم غرفًا من اللَّبِن على الطراز القديم تأكيدًا على ارتباطهم بالماضي وحنينهم إليه.
 
أما المسجد فقد شمله التغيير الذي ساد مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة وإن ظل المسجد محافظًا على شكله الخارجي القديم، وتمثل التغيير في اختلاف مواد البناء، فتحولت من الطين واللَّبِن إلى الأسمنت والحديد، كما أن المسجد لم تعد تُلحق به سرحة أو خلوة نظرًا إلى وجود وسائل التقنية الحديثة من تدفئة وتبريد وغيرهما، وحلت دورات المياه الحديثة محل المساقي، كما أصبحت أرضية المسجد تُكسى بالفرش الناعم الوثير، ما جعل المصلين يؤدون صلاتهم في يسر وسهولة وراحة.
 
شارك المقالة:
94 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook